للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرد على من ذهب مذهب الإمام أبى حنيفة في إخراج العمل عن الإيمان، واستدل باللغة على أن الإيمان هو التصديق - يرد عليهم بما ذهبوا إليه هم أيضاً من عدم جواز إطلاق الإيمان على الشخص إلا إذا صدق بالله عز وجل وبرسوله، وبكل ما جاء به القرآن والبعث والجنة والنار والصلاة والزكاة، وغير ذلك.

ومعلوم أن هذا الإيمان قد اشتمل على أعمال، فكيف يحق لهم بعد ذلك عدم اعتبار الأعمال من الإيمان، وهم يشترطون لثبوت إيمان الشخص ما ذكر.

ويقال لهم أيضاً: لو كان ما تقولون صحيحاً من أن الإيمان هو التصديق فقط - لوجب أن يطلق اسم الإيمان على كل من صدق بشيء ثم كذب بلوازمه، فقد أخبر الله بأن قوماً يؤمنون ببعض الرسل ويكفرون ببعض الرسل ومع ذلك سماهم الله كفاراً مع تصديقهم بالله. قال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسوله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} (١) .

فهؤلاء مصدقون بالله وبرسوله، لولا أنهم يريدون أن يأخذوا من كل ديانة ما يوافق هواهم.

نعم إن أصل الإيمان في اللغة هو التصديق بالقلب واللسان معاً بأي شيء كان إلا أن الله عز وجل وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أوقع لفظة الإيمان على العقد بالقلب لأشياء محدودة مخصوصة معروفة لا على العقد لكل شيء.


(١) سورة النساء: ١٥٠، ١٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>