للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون} (١) ، إلي غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا المعنى الذي يفيد أن الله تعالى حرم الظلم على نفسه، وقد مدح بذلك لبيان كمال عدله، فأين هذا المفهوم من مفهوم الجهمية حينما يقررون أن الإنسان مجبور على فعله، لا لوم عليه فيما يأتيه من الأفعال القبيحة والمنكرات؛ لأن موجدها إنما الله تعالى، ثم كلفه بامتثال أمره ونهيه فكيف يتصور هذا؟ يكلفه الله بالامتثال ثم يوجد فيه قوة العصيان، هذا تناقض وتكليف بما لا يطاق.

وقد أخبر الله تعالي بأن الحق هو عكس هذا المفهوم، فقال عز وجل: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} (٢) ، وجبر العبد على فعله لا يتفق مع مضمون هذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث، ويصح على مفهوم هؤلاء الجهمية ألا يقال للزاني: إنه زان، ولا للسارق: إنه سارق، ولا للمصلي: إنه مصل ... الخ؛ لأن هذه الأفعال هي أفعال الله فيهم، وإنما هم منفذون لها. لقد أعظموا على الله الفرية وقفوا ما ليس لهم بحق!!

[٣- إنكار الجهمية الصراط]

الصراط من الأمور الغيبية التي أعدها الله في يوم القيامة، وقد ثبت في الشرع بأحاديث صحيحة إضافة إلي قول الله عز وجل: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما ًمقضياً} (٣)

وفي الصراط تفاصيل طويلة وأخبار كثيرة، وقد حاولت حصر أكثر ما تيسر من أخباره في "الحياة الآخرة ما بين البعث إلي دخول الجنة أو النار" (٤) .

ونكتفي بإيجاز ما يهمنا ذكره هنا من أخبار هذا الأمر.


(١) سورة الأنعام: ١٦٠
(٢) سورة البقرة: ٢٨٦
(٣) سورة مريم: ٧١
(٤) قدمتها لمرحلة الدكتوراه. انظر الباب العاشر منها من ص١٢١١ إلي ص١٣١٧، ط ١، ١٤١٧هـ - ١٩٩٧م.

<<  <  ج: ص:  >  >>