للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علوم الوعد والوعيد في مفهومهم: " وأما علوم الوعد والوعيد فهو أنه يعلم أن الله وعد المطيعين بالثواب وتوعد العصاة بالعقاب وأنه يفعل ما وعد به وتوعد عليه لا محالة، ولا يجوز عليه الخلف والكذب " (١) .

هذا هو مذهب المعتزلة، يوجبون على ربهم أن ينفذ وعده وأن يعطي العبد أجر ما كلفه به من طاعات استحقاقا منه على الله مقابل وعد الله له إذا التزم العبد بجميع التكاليف التي اختارها الله وكلف بها عباده.

وقد أورد المعتزلة لتأييد مذهبهم هذا بعض النصوص التي فهموا منها وجوب إنفاذ الله وعده، وهى آيات من القرآن الكريم وبعض الشبه العقلية، منها قول الله عز وجل: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما} (٢) .

وموضع الشاهد من الآية هو قوله تعالى: {فقد وقع أجره على الله} ، حيث فسروا هذا الوقوع بمعني الوجوب، أي فقد وجب ثوابه على الله استحقاقا، لأن العمل في رأيهم من موجبات الثواب.

واستدلوا أيضا على ذلك من العقل بأن الله مادام قد كلف عباده بالأعمال الشاقة فلابد أن يكون لها مقابل من الأجر، وإلا لكان ذلك ظلما، والله منزه عن الظلم، فلا يجوز على الله تعالي - في نظرهم - أن يوجب العمل ولا يوجب له جزاء.

والواقع أن ما استدلوا به من الآية والشبهة العقلية إنما بنوه على مسألة


(١) المصدر السابق ص ١٣٥ - ١٣٦.
(٢) سورة النساء: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>