للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذو الخويصرة لا يعتبر في الحقيقة زعيماً للخوارج، لأن فعلته حادثة فردية- تقع للحكام كثيراً- ولم يكن له حزب يتزعمه ولا كان مدفوعاً من أحد -إلا طمعه وسوء أدبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فيمكن القول بأن نزعة الخروج قد بدأت بذرتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (١)

وأما بالنسبة للقول الثاني، فهو رأي لبعض العلماء أيضاً كابن كثير وابن أبي العز (٢) ، ولكن يرد على هذا أن أولئك الثوار البغاة كان هدفهم قتل عثمان وأخذ المال، ولا ينطبق عليهم وصف فرقة ذات طابع عقائدي خاص، ولهذا اندمجوا مع المسلمين بعد تنفيذ جريمتهم ولم يشكلوا فرقة مستقلة -وإن كان فعلهم يعتبر خروجاً عن الطاعة وخروجاً على الإمام -إلا أنهم ليسوا هم الخوارج كفرقة عقائدية سياسية لما تقدم.

وأما بالنسبة للقول الثالث؛ وهو للورجلاني الإباضي، فأنه قول مردود؛ فإن طلحة والزبير رضي الله عنهما لا يصح وصفهما بالخوارج ولا ينطبق عليهما وصف الخوارج كفرقة، وكان معهما أيضاً أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد شهد الله لها بالإيمان، وطلحة الزبير رضي الله عنهما من العشرة المبشرين بالجنة (٣) .

وأما بالنسبة للقول بأن نشأتهم تبدأ من قيام نافع بن الأزرق؛ فإنه لم يقل به غير من ذكرنا من علماء الإباضية (٤) ؛ لنفيهم وجود صلة ما بين المحكمة


(١) انظر الحديث الوارد في صحيح البخاري ٨/ ٥٢- ٥٣، ومسلم: ٣/ ١١٠ - ١١٦.
(٢) انظر البداية والنهاية: ٧/ ١٨٩ وشرح الطحاوية ص ٤٧٢.
(٣) انظر الدليل لأهل العقول ص: ١٥.
(٤) أبو إسحاق طفيش وتبعه على يحيى معمر أحد علماء الأباضية المتأخرين وقد اعتبروا أحداث المحكمة الأولى قتنة داخلية بين الصحابة وليس لهم أساس الخوارج في نظرهم.
انظر: الأباضية بين الفرق الإسلامية ص ٣٧٧ وانظر الأباضية في موكب التاريخ ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>