للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يدل على بعد نظره وقوة فهمه رضي الله عنه، فلو كان يعلم نصاً في ذلك لما تردد في إعلانه، وقد دعت الضرورة إليه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت عنه، بل أعلن على منبر الكوفة أمام جمهور أتباعه أن الخلفاء الثلاثة من قبله هم أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته)) .

وعنه أنه قال نازل من المنبر)) ثم عثمان ثم عثمان)) (١)

وحينما تمت مبايعة الحسن بعد استشهاد الإمام علي لم يذكر فيها تصريحاً ولا تلميحاً أن هناك نص من أبيه على مبايعته، وإنما كان أول من تقدم لمبايعته قيس بن سعد بن عبادة قائلا له: ((ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه)) فسكت الحسن فبايعه ثم بايعه الناس بعده (٢) .

ولو أن الحسن يعرف نصا على استخلافه لما جاز له ترك الخلافة ولا السكوت عن إخبار الصحابة به وإعلامهم بحقيقة الأمر ليخرج أقل ما يقال من إثم الكتمان، إذا أغفلنا النظر عن حقيقة هامة وهي أنه كان من الذين لا يخافون في الله لومة لائم.

وإذا كان الحسن قد تنازل عن الخلافة لمصلحة المسلمين وحقن دمائهم، فإنه من الكذب أن يقال أنه أوصي للحسين من بعده، فكيف يوصي بها للحسين وقد تنازل عنها، وصارت حقاً لغيره، وإذا كان هو زهد عنها وكرهها، فكيف يرضاها لأحد من أهل بيته؟


(١) انظر البداية والنهاية جـ٨، ص ١٣، ١٤.
(٢) انظر البداية والنهاية جـ٨، ص ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>