للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأن أستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم ما يستغنون به عن الكد والتعب.

فقال حمدان: أنقذني أنقذك الله فما أشد احتياجي إلى مثل ما ذكرته.

فتحرج الداعي أن يخبره بشيء حتى يأخذ عليه العهد أن لا يفشي سرّ الإمام المعصوم المستور، ولا يفشي له خبر- وهذه إحدى حيل الباطنية -فعاهده حمدان على ذلك، فشرع الداعي في استدراجه إلى الباطنية حتى صار فيما بعد ركناً من أركانها، وصار له أتباع وفرقة تنسب إليه تسمى (القرامطة) أو (القرمطية) كان لهم في تاريخ الأمة الإسلامية حوادث هائلة، وأخبار بتنكيلهم بالمسلمين مؤسفة (١) .

قال ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة ٢٧٨هـ:

((وفيما تحركت القرامطة، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون بنبوة زرادشت ومزدك، وكانا يبيحان المحرمات، ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة، ويدخلون إلى الباطل من جهتهم، لأنهم أقل الناس عقولاً، ويقال لهم الإسماعيلية لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج ابن جعفر الصادق (٢) .

وفي سنة ٢٨٦ تحرك القرامطة برئاسة أبي سعيد الحسن بن بهرام الحنابي واستولوا على هجر وما حولها من البلاد وأكثروا فيها الفساد.

وقد كان أبو سعيد هذا سمساراً في الطعام يبيعه للناس في القطيف، فجاء بعض الدعاة الباطنيون إلى شيعة القطيف فاستجابوا له وتأمر عليهم أبو سعيد الجنابي، وأصله من بلدة جنابه قريبة من القطيف، وعاثوا في الأرض فساداً


(١) فضائح الباطنية ص ١٢- ١٣.
(٢) البداية والنهاية ج١ ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>