للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمذهب معين من مذاهب المجتهدين بل يدور مع الحق عند الله تعالى أينما درا" (١) ، أي حسب تجدد الكشف له والإلهام الرباني المتكرر عليه، وهو كذلك يشير إلى قول أحمد بن المبارك في الإبريز حيث قال:

"إن الولي المفتوح عليه يعرف الحق والصواب ولا يتقيد بمذهب من المذاهب، ولو تعطلت المذاهب بأسره لقدر على إحياء الشريعة، وكيف لا وهو الذي لا يغيب عنه النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ولا يخرج عن مشاهدة الحق جل جلالة لحظة" (٢) .

والواقع أن كل منصف له أدنى إلمام بالشريعة الإسلامية لو حكم في دعاوى الصوفية وفي زعمهم شرعيه شطحاتهم، ومستنداتهم في ذلك كله لا تضح له بما لا خفاء به أن المتصوفة قد جانبوا الصواب في كثير من أمور الدين، وأنه لا مستند لهم إلا هواهم الذي يسمونه الكشف والإلهام الصريح، دلك أن قولهم: أن التصوف نبعه القرآن والسنة والفقه في الدين، وفوق ذلك أن له قواعد وقوانين استمدوها من حقائق اليقين دعاوى غير ثابتة.

فليس في القرآن آية واحدة في شريعة غلو التصوف، وليس في السنة النبوية عبارة واحدة جاءت دليلاً يسند شطحات الصوفية وأورادهم وترنيماتهم وحلقات رقصهم، وليس في علوم الفقه الإسلامي وأصوله شيء من هذا القبيل، ثم هم لا يذكروا أيضاً أدلة من القرآن تدل فعلاً على ما يذهبون إليه.

وقد تلمسوا بعض الأدلة من السنة أساءوا الفهم فيها؛ ولهذا جعلوا


(١) رماح حزب الرحيم ١/ ٩٦.
(٢) المصدر السابق ص ٩٦ نقلاً عن الإبريز.

<<  <  ج: ص:  >  >>