للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الإنية بحيث إذا قال الله عز وجل "أنا" وقال البسطامي "أنا" انعدم الفرق بينهما، وحينئذ يمثل البسطامي الله عز وجل تمام المماثلة، فإذا شوهد البسطامي شوهد عند ذلك الخلاق العظيم - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

وليس هذا فقط، بل أحياناً يختلط الحابل بالنابل فيحصل بين الرب والعبد مدّ وجزر حسب ما يتصوره ابن عربي في قوله:

ففي حال أقربه ... وفي الأحيان أجحده

فيعرفني وأنكره ... وأعرفه فأشهده

فإني بالغني وأنا ... أساعده وأسعده

فيحمدني وأحمده ... ويعبدني واعبده (١)

ولعله بعد هذه المراوغة استقر الأمر على أن الله هو نفسه كل موجود على ظهر الأرض؛ فهو العاشق والمعشوق، والرجل والمرأة، فالأجسام صور عنه، وذلك في قوله:

فمن ليلى ومن لبنى ... ومن هند ومن بثينه

ومن قيس ومن بشر ... أليسوا كلهم عينه (٢)

وفي قوله أيضاً:

فعين الخلق عين الحق فيه ... فلا تنكر فإن الكون عينه


(١) الفتوحات المكية ٣/ ٤٩٨.
(٢) المصدر السابق ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>