للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمهما ترى من معدن ونباته ... حيوانه مع أنسه وسجاياه

ومهما ترى من أبحر وقفاره ... ومن شجر أو شاهق طال أعلاه

ومهما ترى من صور معنوية ... من مشهد للعين طاب محياه

ومهما ترى من هيئة ملكية ... ومن منظر إبليس قد كان معناه

ومهما ترى من شهوة بشرية ... طبع وإيثار لحق تعاطاه

ومهما ترى من عرشه ومحيطه ... كرسيه أو رفرف عز مجلاه

فإني ذاك الكل والكل مشهدي ... نا المتجلي في حقيقته لا هو

وإني رب للأنام وسيد ... جميع الورى اسم وذاتي مسماه (١)

فالجيلي هو كل شيء والله هو أيضاً كل شيء، من خير أو شر، من فسق أو فجور، الكل هو الله على حسب هذه العقيدة المجوسية.

ومن القائلين بوحدة الوجود ووحدة الشهود هو أبو حامد الغزالي، ولقد تأثر الناس به كثيراً؛ لأنه كان في وقته يداري كل طائفة ويتودد إليها بالموافقة، وخفي أمره على كثير من الناس فلم يفطنوا إلى تعلقه بوحدة الوجود، وإن كان قد صرح بها كثيراً في كتبه، وخصوصاً إحياء علوم الدين، وفي هذا يقول عنه عبد الرحمن الوكيل:

"لا تعجب حين ترى الغزالي يجنح في دهاء إلى السلفية في بعض ما كتب فللغزالي وجوه عدة كان يرائي بها صنوف الناس في عصره، فهو


(١) هذه هي الصوفية ص ٥٦، ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>