للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

: [[الشريط التاسع]] :

الأسئلة:

س١/ قال: ما حكم سب الدهر؟

ج/ سب الدهر محرم؛ لأنه إيذاء لله - عز وجل -، كما قال - عز وجل - في الحديث القدسي (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) (١) ، فسب الدهر بمعنى أن يَتَنَقَّصَهَ أو أن يَنْسُبَ إليه الأفعال القبيحة وأشباه ذلك، هذا في الواقع لا يتوجه إلى الدهر؛ لأنَّ الله يُقَلَّب الدهر، الدهر ليس يفعل شيئا، وإنما يتوجه إلى من جعل الدهر على هذه المثابة، ومن جعل الدهر بهذه الصفة وهو الله - عز وجل -، لهذا قال (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) ، فمسبة الدهر حرام وإيذاء لله - عز وجل -.

وقوله - عز وجل - في الحديث القدسي (وأنا الدهر) لا يُفهم منه أنَّ الدهر من أسماء الله - عز وجل -؛ بل يعني أنَّ الذي سب الدهر وقعت مسبته على الله - عز وجل -؛ لأنَّ الله ـ هو الذي يُصرِّف الدهر كيف يشاء.

إذا تبين ذلك وقد ذكرنا مرارا أنّ وصف الدهر بأوصاف مما يقع فيه من الأوصاف المشينة ليست مسبّة للدهر، فقول القائل هذا يوم أسود أو هذا الشهر شهر نحس أو نحو ذلك، فإن هذا ليس بمسبة للدهر لأن هذا وصف لما يقع في الدهر لما يقع في اليوم أو لما وقع فيه، لما يقع في الشهر أو لما وقع فيه، وهذا كما قال - عز وجل - {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر:١٩] ، وقال سبحانه {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [فصلت:١٦] فوصف الله - عز وجل - الأيام التي عذب بها الكفرة أنها أيام نحيسة، فمثل هذا ليس بسب للدهر؛ لأنه وصف لما وقع فيه بالإضافة إلى المخلوق.

س٢/ قال: هل يدخل في سب الدهر قول القائل الدهر باطل والزمان غدار ونحو ذلك؟

ج/ الجواب: نعم لأنَّ هذا من التنقص، وهذا من سب الدهر؛ لأنَّ الدهر لا يبغي على أحد ولكن الذي دَبَّرَ الدهر وقَدَّرَ فيه ما قَدَّرَ هو الله - عز وجل -.

س٣/ هل آية الرجم المعروفة تعتبر من كلام الله، غير أنها منسوخة ولا يجوز التعبد بتلاوتها؟

ج/ الجواب: نعم، كل آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من كلام الله - عز وجل -، سواء أكانت باقية أم كانت منسوخة، كما قال - عز وجل - {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:١٠٦] ، وفي القراءة الأخرى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فالآية التي نُسِخَتْ قرآن ولكن نُسِخَتْ تلاوتها والتعبد بذلك، وحكمها منسوخ، وهذا إذا كانت منسوخة، وأما إذا لم تكن الآية منسوخة فإنه قد تُترك آية بغير النسخ كما قال {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} .

س٤/ يستخدم بعض الكُتاَّب ألفاظ منسوبة إلى القرآن كقولهم: (قال القرآن) ، أو (تحدث القرآن) ، (فَنَّدَ القرآن هذه الشبهة) ، هل يصح الحكم عليها بأنها متفرعة عن القول بخلق القرآن؟

ج/ الجواب: لا؛ لأنّ هذه الكلمات جرت على ألسنة كثير من أئمة أهل العلم السابقين، يقولون قال القرآن، ورد القرآن ونحو ذلك، فينسبون الفعل إلى القرآن، ومعلوم أنَّ القرآن كلام الله - عز وجل -، ففي الحقيقة القائل هو الله - عز وجل -، كأنهم قالوا قال الله في القرآن، تحدث الله في القرآن، وردّ الله في القرآن، وأشباه ذلك.

س٥/ كان من الردود على المعتزلة في الدرس الماضي أنهم إذا أرادوا تأويل صفة الكلام فإنه يترتب عليه نفي الصفات التي أثبتها المعتزلة، مع أنه قد تقرر في كثير من الدروس أنَّ المعتزلة لا يثبتون أي صفة من الصفات، فما الجواب؟

ج/ الجواب: أنَّ الذي قَرَّرْنَاهُ وهو المعروف أنَّ المعتزلة يثبتون ثلاثة صفات، وأنَّ الذين لا يثبتون إلا صفة الوجود المطلق بشرط الإطلاق هم الجهمية.

وكل من أثبت صفة من الصفات ونفى الباقي فإنه يُطْعَنْ بإثباته على ما نفاه.

مثلا يقال لمن أثبت صفة الوجود قالوا إنَّ الله - عز وجل - ليس له إلا صفة الوجود فقط؛ الوجود المطلق، يقال له: لم نفيتَ غيرها من الصفات؟ لم نفيت صفة العلم؟ لم نفيت صفة الكلام؟ لم نفيت صفة المحبة؟ بل سيقول: إنَّ هذه الصفات تستلزم المشابهة التمثيل أو التشبيه، فيقال: لم؟ فيقول: لأن المخلوق يتكلم، فكيف نقول إنَّ الله يتكلم والمخلوق يتكلم، معناه فيه تشبيه. يقول: إنَّ الله يحب والمخلوق يحب معناه أنَّ هذا فيه تشبيه. فكذلك يقال: الصفة التي أثبتها وهي الوجود أيضا مشتركة، فالمخلوق موجود وتقول الله - عز وجل - موجود.

المعتزلة يثبتون القدرة لله - عز وجل -، والمخلوق عنده قدرة، فما الفرق ما بين ما أثبت وما بين ما نفى؟


(١) البخاري (٤٨٢٦) / مسلم (٦٠٠٠) / أبو داود (٥٢٧٤)

<<  <   >  >>