للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى] :

في قوله (وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْعَرْشِ) ، (مُسْتَغْنٍ) من الغِنَى وهو عدم الحاجة.

والله - عز وجل - سَمَّى نفسه بالغني كما في قوله سبحانه {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وفي قوله {إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [العنكبوت:٦] ، وفي قوله {فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧] وفي قوله أيضا - عز وجل - {وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء:١٣١] ، ونحو ذلك من الآيات، فهو سبحانه موصوف بالغنى، ومن أسمائه الغَنِيْ.

ومعنى هذا الاسم -الذي هو من أسماء الجلال لله - عز وجل - ومن أسماء الجمال لله - عز وجل -- أنه سبحانه الذي يحتاج إليه كل شيء، وهو المستغني عن كل شيء.

وهذا الغِنَى غِنَىً بالقهر؛ فإنَّ الله سبحانه لا يحتاج إلى مُعينٍ لِيَقْهَرَ من شاء ويُذِلَّ من شاء، كما أنه غِنَىً في الملك؛ فالله سبحانه غَنِيٌّ عن أن يعينه أحد في تدبير ملكه ولكن يُشَرِّفُ من شاء من عباده ببعض ما يقومون به من عمل في ملكوت الله - عز وجل -، كما يُشَرِّف الملائكة وبعض عباده الصالحين.

وغناه أيضا - عز وجل - غنىً لكمال قدرته سبحانه وتعالى.

ومن هذا الأخير غناه عن العرش، فهو سبحانه لكمال قدرته واستغنائه بقدرته عن أحد من خلقه فإنه مستغنٍ عن العرش.

فإذاً عموم غِنَاهُ - عز وجل - وإطلاق غِنَاهُ - عز وجل - وأنَّ الخلق جميعاً فقراء إليه سبحانه وتعالى هذا يشمل هذه المعاني جميعاً.

<<  <   >  >>