للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.


هذه الجملة من كلام العلامة الطحاوي رحمه الله ذَكَرَ فيها أصول الدين وأركان الإيمان فقال (وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.) .
فبعد أن ذَكَرَ تفصيل الكلام على الصفات وعلى القَدَرْ وعلى العرش والكرسي وإحاطة الله - عز وجل - بكل شيء وعلو الرب سبحانه وتعالى والخلّة، وما في ذلك من المباحث التي هي متصلة بركنين من أركان الإيمان، وهما الإيمان بالله والإيمان بالقدر خيره وشرّه من الله تعالى، ذكر بقية أركان الإيمان فقال (وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) وذلك أنّ أركان الإيمان التي جاءت في القرآن وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ستة من الأركان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله عز وجل.

لهذا قال (وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) .
والإيمان بهذه المسائل من المُتَّفَقِ عليه بين المنتسبين إلى القبلة، فإنّهم يؤمنون بأركان الإيمان السِّتّة من الفِرَقْ الثلاث وسبعين، فإنَّ الجميع يؤمن بذلك على اختلافٍ بينهم في تفسير بعض المسائل فيها، وذلك لكثرة النصوص الدّالة على الإيمان بهذه الأركان السِّتّة.
فمن الأدلّة التي دلت على أنَّ هذه الأركان الستة من الإيمان بل هي الإيمان:
١- قول الله - عز وجل - {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة:١٧٧] والبّر من الإيمان (١)

: [[الشريط الثالث والعشرون]] :

أو هو اسم للإيمان؛ لأنه يُطلق فيشمل الإيمان جميعاً ويُطلق البِرْ ويشمل بعض خصال الإيمان.
٢- قوله - عز وجل - في آخر سورة البقرة {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:٢٨٥] الآية.
٣- قول الله - عز وجل - في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [وَالْيَوْمِ الْآخِرِ] فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء:١٣٦] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
٤- الحديث المشهور عندكم وهو حديث جبريل في سؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال له صلى الله عليه وسلم «الإيمان أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ» ، فقال جبريل عليه السلام: «صدقت» . ثم في آخره قال «هَذَا جِبْرِيلُ، أَتَاكُمُ يُعَلِمُكُمْ دِينَكُمْ» (٢) .
فهذا القَدْرْ مُجمَعٌ عليه بين الفِرَقْ الثلاث وسبعين جميعاً، فكل فرقة من الفِرَقْ الثلاث والسبعين في هذه الأمة تؤمن بالملائكة والنبيين وتؤمن بالكتب؛ لكن هناك قدر يختلفون فيه في بعض تفصيلات الكلام على هذه المسائل.
بعض العلماء يُعَبِّرُ عن هذه الأركان بأنها الأركان الخمسة، أركان الإيمان الخمسة، أو يجعلها أصول الدين الخمسة، وبعضهم يجعلها أصول الدين الستة أو الأركان الستة، وبعضهم يجعلها سبعة ونحو ذلك وهي كلها متقاربة إما بِحَذْفِ القَدَرْ لأجل أنَّ الآيات ليس فيها ذِكْرُ القَدَرْ، فيجعلونه موافِقَاً للآيات، وإما أن تُجْعَلَ جميعاً مع القَدَرْ كما دلّ عليه حديث جبريل المعروف، وأما من قال سبعة ففيه توسع بذكر الجنة والنار كما قاله بعض المتصوفة فإنهم قالوا: أركان الإيمان سبعة فذكروا اليوم الآخر والجنة والنار، والجنة والنار هي من الإيمان باليوم الآخر.
هذا ما يتعلّق بهذه الجملة إجمالا، وتحتها مسائل:

<<  <   >  >>