للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قال (وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ) ]


ندخل في تفصيل الكلام على هذه المسائل، وأولها الإيمان بالملائكة.
والإيمان بالملائكة نجعله على مسائل:

[المسألة الأولى] :
في معنى الملائكة:
الملائكة في اللغة جمعٌ لِـ: مَلْأَكْ، ومَلْأَكْ قال العلماء إنها مقلوبة من مَأْلَكْ.
وأصل مألك -هذا مصدر- فيه معنى الأَلُوكَةْ وهي الرسالة.
لهذا مادة الأَلُوكَةْ هي الرّسالة، وأَلَكَ فلانا بكذا يعني أرسله بكذا.
فمادة الملائكة وأَلَكَ والأَلُوكَةْ كلها في الرسالة ومن ذلك قول الشاعر فيها ذكرته لكم قبل في شروحنا السابقة حيث قال:
أَلِكْنِي إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر
يعني أرسلني إليها، والأَلُوكَةْ معروفة عند العرب بمعنى الرسالة.
فإذاً الملائكة -معناه اللغوي- هم المُرْسَلُونَ؛ لكن رسالة خاصّة على وجه التّعظيم لها.
فإذاً الملائكة هم المُرْسَلُونَ، ولهذا الله - عز وجل - سَمَّى الملائكة مرسلين في قوله {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات:١] ، كما هو أصح أقوال المفسرين في ذلك، وكذلك في قوله {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:٧٥] ، وسيأتي معنى الاصطفاء هنا ولماذا صار بعض الملائكة رسلاً إن شاء الله تعالى؛ يعني خُصّوا باسم الرسالة دون البقية.
أمَّا فيما دَلَّت عليه الأدلة فالملائكة عباد من عباد الله - عز وجل -، خَلَقَهُمْ الله - عز وجل - من نور، وجعلهم مُتَفَرِّغين لعبادته مُوَكَّلين بشؤون ملكوته.
وهم ليسوا بِبَنَاتٍ لله سبحانه وتعالى، وليسوا بأولادٍ له - عز وجل -، وإنما هم عباد مُكْرَمُونَ، يَعْمَلَون بما يأْمُرُهُم به ربهم - عز وجل -.
فهم عِبَادٌ يَعْبُدُونَ ولا يُعْبَدُونْ مُكْرَمُونَ مُطَهَّرُونْ ليسوا بذوي نقص لا في خِلْقَتِهِمْ ولا في خُلُقِهِمْ ولا في عبادتهم لربّهم - عز وجل -.

<<  <   >  >>