للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الخامسة] :

يدخل في الكلام على الكتب الكلام على القرآن، وعلى إعجاز القرآن، وعلى بحث هذه المسألة؛ لأنَّ القرآن آية محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد قَدَّمْنَا لك تفصيل الكلام على إعجاز القرآن في درس مستقل (١) أظن عند قول الشيخ الطحاوي رحمه الله في أول الكلام (فَمَنْ سَمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَلَامُ الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ) إلى قوله (عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ الْبَشَرِ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَشَرِ. وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ) ، ومسألة إعجاز القرآن ومعرفة القرآن ووجه كونه آية وما فيه، هذا من أعظم المسائل في هذا الباب.

إذا تبين ذلك فنقول:

الإيمان بأركان الإيمان الستة -إذا أخرجنا الإيمان بالقَدَرْ- فإنَّ بعض أهل العلم يسميها أصول الدين الخمسة، وذلك لمجيئها في أكثر الآيات دون ذكر القَدَرْ، والقَدَرْ جاء منفصلاً في القرآن وجاء مع بقية الأركان في السنّة.

هذه الأصول الخمسة تَبِعَ الإيمان بها أنَّ أهل البدع أصَّلُوا أُصُولَاً في مقابلة هذه الأصول الخمسة:

فجاء المعتزلة مع إيمانهم بِجُمَلِ هذه الأصول الخمسة لكن جعلوا لهم أصولاً خمسة لتُمَيِّزَهُمْ عن غيرهم، وهذه المعروفة بالأصول الخمسة عند المعتزلة، وكَتَبَ فيها عبد الجبار كتابه الأصول الخمسة، ويعتني بها المعتزلة والإباضية والزيدية والرّافضة.

الأصول الخمسة هذه هي:

١- أولا: التوحيد.

٢- والثاني: العدل.

٣- والثالث: الوعد والوعيد.

٤- والرابع: المنزلة بين المنزلتين.

٥- والخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والرافضة يعتقدون مُعْتَقَدْ المعتزلة في الغالب، فجعلوا لهم أصولاً أربعة في مقابلة ذلك وهي:

١- التوحيد.

٢- والعدل.

٣- والنبوة.

٤- والإمامة.

يُدخلون في هذه الأصول عقائدهم في تدريس عقائدهم المخالفة لما دَلَّ عليه الكتاب والسنة.

وهذه الجملة تحتاج إلى تفصيل طويل يمكن أن ترجع لها في الشرح أو في المطولات.

المقصود أن لفظ الأصول الخمسة أو أركان الإيمان الستة أو الخمسة -يعني بخلاف الإيمان بالقدر- هذه جُعِلَ في مقابلتها أشياء وَضَعَهَا أهل البدع للتعليم وللتميُّزْ لِيُعَلِّمُوا على أساسها وليتميزوا عن غيرهم.

ولاشك أنَّ الذي دلّ عليه الكتاب والسنة وقول سلف الأمة إلى أنْ ابتدعت المعتزلة بدعتها هو أنّ أركان الإيمان ستة، ولا دخل لتلك المسائل التي ذَكَرُوهَا من الوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل هذه لا أصل لها في الكتاب والسنة؛ يعني في كونها من أركان الإيمان أو من أصول الدين.

في هذا القدر كفاية إن شاء الله تعالى.

ونقف عند قولنا (وَنُسمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمينَ مُؤْمِنينَ) .

فيه مسائل -ذكّرني بعض الإخوان بها جزاهم الله خيراً- وهي تحتاج منا إلى أنكم تقتفون أثر ما ذكرناه في الملائكة وهو ما في كل مسألة في الإيمان بالكتب والإيمان بالأنبياء ثَمَّ مسألتان:

المسألة الأولى: تفاضل الإيمان بأجمعه بتفاضل الإيمان الأنبياء والمرسلين. هذه مسألة. (٢)

المسألة الثانية: أثر الإيمان بالمرسلين جميعاً على الإيمان العام.

كذلك في الكتب تأتيك الفقرتان جميعاً: تفاضل الإيمان بالكتب، والثانية أثر الإيمان بكتب الله - عز وجل - على الإيمان.

يمكن أنتم تستنتجونها وتبحثونها إن شاء الله تعالى. نكتفي بهذا القدر، نستودعكم الله.


(١) سبق ذكره (١٢٣)
(٢) - راجع الشريط ٢٣

<<  <   >  >>