للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية] :

هذه الجملة دَلَّ عليها القرآن والسنة في مواضع كثيرةٍ منها:

قوله - عز وجل - {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:٥] ، وقوله {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] ، ومنها قوله - عز وجل - {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء:٩٢] ، يعني لا يكون لمؤمن أن يتجرأ ويسفك دم مؤمن واحد إلا خطأ، أَمَّا يَتَعَمَّدْ فهذا معه لا يستحق وصف الإيمان؛ لأنه ارتكب هذه الكبيرة العظيمة التي قال الله - عز وجل - فيها بعد ذلك {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣] .

وأيضاً قول الله - عز وجل - {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} -يعني بالقتل- {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات:٩] ، فدَلَّ على أنَّ من تَجَرَأَ على المُقَاتَلَةْ أنه ليس من أمر الله في شيء؛ بل خَرَجَ عن أمر الله وهو شريعته ودينه الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

ومنها أيضاً في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث» ، وفي اللفظ الآخر «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة» (١) ، فهذا يدل على أنَّ الأصل أنْ لا أحد يتجرأ ويسفك الدم أو يراه.

فلا يحل ذلك فِعْلاً، وكذلك لا يحل أن يُعْتَقَدَ جواز قتل مسلم باقٍ على اسم الإسلام وهو ليس من هذه الأصناف الثلاثة.


(١) البخاري (٦٨٧٨) / مسلم (٤٤٧٠)

<<  <   >  >>