للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية] :

الأصل أنَّ ولي الأمر يجمع ما بين:

- حسن التدبير في أمور الناس العامة، في أمور دنياهم وما يُصْلِحُهُمْ وما يحفظ بيضتهم ويدفع عنهم الأعداء.

- العلم بأحكام الشريعة بما يناسب، ولا يُشْتَرَطُ فيه أن يكون الأعلم كما هو مبسوط في مكانه في كتب الفقه.

واجتمعت الصفتان في الخلفاء الراشدين الأربعة وفي معاوية رضي الله عنه وفي عددٍ من الأئمة وولاة الأمور في التاريخ إلى الآن.

ولكن ربما لم يجتمع في ولي الأمر الصفتان فحينئِذْ يكون ما يُشْكِلُ على الناس في أمر دينهم فَمَرْجِعُهُم فيه إلى أهل العلم بالدين، وما يكون من قبيل الأمر العام للناس فإنه يكون لولي الأمر العام، وولي الأمر العام يستشير ويأخذ بقول أهل العلم فيما يرى أن يستشيرهم فيه.

وهذا المَأْخَذْ هو وجه قول من قال (إن ولاة الأمر هم الأمراء والعلماء) ؛ يعني كلاًّ فيما يخصه:

- الأمراء في الأمر العام، الأمر الدنيوي وما يُصْلِحُ الناس وما به تكون حياتهم.

- والعلماء فيما يكون من أمر الدين بما يأتون وما يذرون.

وهذا ليس هو الأصل، وإنما الأصل أنَّ ولي الأمر هو من يعلم، وهو الذي جاءت فيه الآيات {وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩] ، وكذلك {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:٨٣] ، لأنَّ الأصل اجتماع الصفتين في ولي الأمر.

فإذا لم تجتمع الصفتان أُعْطِيَ ولي الأمر الذي بيده الأمر والنهي حق الإمام، وفي المسائل الدينية يُسْتَفْتَى ويُسْأَلْ أهل العلم.

ولهذا اجتنب كثير من العلماء بل أكثر العلماء والأئمة أن يُطْلِقُوا على العالم ولي الأمر؛ لأجل أن يكون هناك افتئات وخروج ولأجل أن لا يكون هناك مأخذ لمن يريد الخروج على الإمام أو ولي الأمر.

ومنهم من استعمل هذا وهذا؛ يعني أنَّ الأمور الدينية يُرجَعُ فيها إلى من يلي الأمر الديني، وهم العلماء في أمور الفتوى وفيما يأتي المرء ويذر فيما بينه وبين ربه - عز وجل -، وفي الأمور العامة فتكون لولاة الأمور.

<<  <   >  >>