للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكونه سبحانه يرزق بلا نفقة يُنْفِقُهَا تُنْقِصُ مما عنده سبحانه، وبلا تعب، فهو سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب، وما يفتح للناس من رحمة فإنه لا ممسك لها، وقد قال سبحانه وتعالى {مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:٢] ، وقال - عز وجل - {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة:٦٤] ، وفي حديث أبو ذر المعروف قال (أَرَأَيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السّمَاوَاتِ والأرض, فَإِنّهُ لَمْ يَغِضْ ممّا فِي يَمِينِهِ شَيْئًا) (١) ، وهذا لا شك أنه صفة الرب - عز وجل -.

أما المخلوق فإنه إذا رَزَقْ فإنه يَرْزُقْ بكلفة وتعب، ويرزق لحاجته أن يرزق، ويرزق أيضاً لمؤونة تنقص وتزيد، والله سبحانه له الملك الأعظم في ذلك.

فتَبَيَّنَ أَنَّ معنى قوله (رَازقٌ بلا مَؤُونَة) يعنى بلا كلفة ولا مشقة، أو بلا مؤنة يأخذ منها فتحتاج إلى أن تُمَوَّنَ، بل هو سبحانه لا يُنْقِصَ ما يُعْطِي خلقه من ملكه شيئاً، ولا يزيد فيه شيئا، بل هو سبحانه الرازق بلا مؤونة سبحانه وتعالى.

نكتفي اليوم بهذا القدْر، ونكمل إن شاء الله تعالى الأسبوع القادم.


(١) البخاري (٤٦٨٤) / مسلم (٢٣٥٦)

<<  <   >  >>