للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأسئلة]

س١/ هل يوصف المخلوق بكونه خالقا للأشياء؟

ج/ الجواب: لا، خلْق الأشياء هذا مختص بالرب - عز وجل -، فهو سبحانه وتعالى الذي يخلق الأشياء.

أما أن يوصف بكونه خالقا، فنعم، لكن لا يقال خالق للأشياء، الأشياء بيد الله - عز وجل -، لكن يخلق ما يناسب، كما قال سبحانه {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:١٤] ، ويُعنى بالخلق هنا التقدير أو التصوير أو ما يناسبه، ولهذا قال ? في الحديث الذي رواه البخاري وغيره (مَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقوا حَبّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً) (١) فأثبت لهم خلقا قال (يَخْلُقُ كَخَلْقِي) ، ثم نفى عنهم خلقا فقال (فَلْيَخْلُقوا حَبّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً) ، فدلّ على أنّ المخلوق يخلق أشياء؛ بمعنى يصورها أو يقدرها، أما برء الأشياء، أو برء الأمور؛ بمعنى إخراج الصور يعني فيها حياة فهذه لله - عز وجل -.

أما تصنيع الجمادات فهذا نوع من الخلق؛ لأنه تقدير وتصوير.

س٢/ يستدل أهل التعطيل والتجسيم بقوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] على باطلهم، وقد رد أهل السنة والجماعة بردود عليهم في ورود الكاف والمِثل في الآية، فما هو وجه استدلال المعطلة والمجسمة؟ وما هو الرد الصحيح والوجه الصحيح من ردود أهل السنة في زيادة الكاف؟

ج/ سبق أن ذكرناه أظن مفصلاً في الدرس الماضي، أو الذي قبله، أظن في أول الدروس، أو عند قوله ولا يشبهه شيء أو (وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ) ، أو في أوله عند قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) (٢) .

المقصود أن استدلال المبتدعة بقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مَصِيرٌ منهم إلى أن المثلية هنا قد تكون ناقصة، فيكون هناك مطلق التشابه منفيا، وهذا سيكون مطلق التشابه منفيا، وقد ذكرنا لكم أنّ المراد هنا المماثلة والمماثلة منفية في كل حال، والمشابهة في الكيفية أو في كمال المعنى؛ يعني في المعنى المطلق أيضا منفي، وأما المشابهة في مطلق المعنى وهو أصله الذي حصل به الاشتراك فإن هذا ليس منفيا؛ لأن هذا أثبته الرب - عز وجل -.

س٣/ ما هو أفضل كتاب شرح الأسماء الحسنى واعتنى بمعناها؟

ج/ أحسن ما أُلف في ذلك فيما أعلم كتاب (النهج الأسمى) لأحد طلبة العلم في الكويت محمد الحمود، وهو من أنفع ما كتب في ذلك، ويليه ما فرقه الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في كتبه من معاني الأسماء والصفات.

س٤/ هل الله - عز وجل - محتاج إلى عبادة العابد كما قال {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات:٥٦-٥٧] ، فهو لا يحتاج سبحانه للرَّزق ولا للإطعام ولكن أثبت العبادة؟

ج/ ما أدري ما وجه السؤال.

(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) اللام هنا هذه لام (كي) لام الحكمة وليست لأجل الحاجة.

س٥/ هل يقال إنَّ الصفات الذاتية راجعة إلى صفة الحياة، والصفات الفعلية راجعة إلى صفة القيومية؟

ج/ لا، لا يقال ذلك من مثل صفة الرحمة ذاتية باعتبار وفعلية أيضا، ولكنها راجعة أيضا لقيوميته، فهو سبحانه أقام خلقه على الرحمة.

س٦/ كيف نعرف أن نفي صفة من صفات النقص تدل على الكمال المطلق؟

ج/ أي نفي جاء في الكتاب والسنة؛ نفي صفة عن الله - عز وجل - فالمراد من هذا النفي إثبات كمال الضد؛ لأنَّ النفي المجرد ليس مدحاً وليس كمالاً، نفي الصفة عن المتصف أو عمن يتصف بها أو عمن يقال أو تنسب إليه قد يكون لنقصه ولعجزه؛ لعدم علمه أولعدم قدرته، فيقال مثلا فلان لا يسيء إلى أحد؛ لأجل أنّه ضعيف، حتى الكافر المشرك المعاند لا يسيء إليه لضعفه، ويقال فلان مثلاً ليس كثير الكلام قد يكون لعجزه عن الكلام بما ينفع، ولهذا قال الشاعر في ذم قبيلة من القبائل:

قُبَيِّلَة لا يخفرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل

(قبيلة لا يخفرون بذمة) لعجزهم، والعرب كانت تفتخر بالاعتداء وبالقوة، فهو نَفَى عنهم صفة لأجل عجزهم عنها فقال (ولا يظلمون الناس حبة خردل) لعجزهم ولهذا إذا نفى الرب - عز وجل - عن نفسه صفة دلَّ ذلك على كمال ضد هذه الصفة، فمثلاً قوله تعالى {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} [البقرة:٢٥٥] هذا نفي يدل على كمال حياته سبحانه وتعالى، لا لأرقه مثلاَ أو لاهتمامه بخلقه أو لعدم إرادة تركهم حتى لا يفسد الملك أو نحو ذلك، بل (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ) لكمال حياته، كذلك {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:٦٤] لكمال علمه وإحاطته.

{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:٣] لكمال غناه سبحانه وتعالى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:٤] لكمال أَحديته سبحانه، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ، وهكذا في غير ذلك من الصفات.


(١) البخاري (٧٥٥٩)
(٢) ذكره الشيخ تحت شرح (وَلا شيءَ مثْلُهُ) في المسألة الخامسة.

<<  <   >  >>