للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى] :

صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم من صَحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِلُقِيِّهِ ولو ساعةً مؤمناً به ومات على ذلك.

أو يقال الصاحب والصحابي: من لَقِيَ النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة مؤمناً به ومات على ذلك.

والصحابة هم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا اللُّقِي الذي سمعته في التعريف يختلف:

- منهم من صَحِبَهُ والتقى به مدة طويلة.

- ومنهم من قَلَّ ذلك.

- ومنهم من تقدّم.

- ومنهم من تأخر.

وهذا يُبَيِّنُ لك أنَّ نوع الصحبة وقَدْرْ الصُّحْبَة يختلف فيه الناس ويختلف فيه الصحابة فليسوا على مرتبة واحدة كما سيأتي.

والصحابة كلهم أثنى الله - عز وجل - عليهم بدون استثناء وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال - عز وجل - {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} إلى أن قال {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:٢٩] ، وقال - عز وجل - {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنَّهُارُ} [التوبة:١٠٠] ، وكذلك قوله - عز وجل - {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:١٨] ، حتى سُمِّيَتْ هذه البيعة بيعة الرضوان؛ لأنَّ الله رَضِيَ ما عملوه، رَضِيَ بَيْعَتَهُمْ فَسُمِّيَتْ بيعة الرضوان، ومنها أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (١) كذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدكم ولا نصيفه» (٢) وقال أيضاً - عز وجل - {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد:١٠] والآيات في فضل الصحابة بِمُجْمَلِهِمْ في أنواعٍ من الدلالات والأحاديث كثيرة جداً وصُنفت مصنفات في ذلك.

وهذه الآيات والأحاديث تفيد في شأن الصحابة أمور:

١- الأول: أنَّ الصحابِيَّ إذا مات على الإيمان فإنَّهُ موعودٌ بالمغفرة والرضوان.

٢ - الثاني: أنَّ الصحابة كلهم عدول لتعديل الله - عز وجل - لهم وثنائه عليهم.

ومعنى العدالة هنا أنَّهُم عُدولٌ في دينهم وفيما يروون وينقلون من الشريعة، وأنَّ ما حَصَلَ من بعضهم من اجتهاد، فإنَّهُ لا يقدح عدالتهم ولا يُنْقِصُهَا، لِمُضِيِّ ثناء الله - عز وجل - عليهم مطلقاً.

٣- الثالث: أنَّ سبَّ الصحابة ينافي ما دَلَّتْ عليه الأدلة من الثناء عليهم، وهو منهيٌ عنه بالنَّصْ، فلذلك أفادت هذه الآيات حُرْمَةْ سبِّ الصحابة كما سيأتي تفصيل الكلام على ذلك إن شاء الله.

٤- الرابع: أنَّ الآيات دلَّتْ على أنَّ الصحابة يتفاوتون في المنزلة وفي المرتبة وأنَّهُم ليسوا على درجة واحدة.


(١) البخاري (٢٦٥٢) / مسلم (٦٦٣٥)
(٢) سبق ذكره (٤١٤)

<<  <   >  >>