للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة] :

أنَّ قوله (نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ عَلَى مَا شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ) فيه إشارة إلى المسالة التي مَرَّتْ معنا سالفاً وهي أنَّنَا أهْلَ السنة والجماعة لا نشهد لمعينٍ من أهل القبلة لا بجنةٍ ولا بنار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فنشهد لهم بالجنة لا لأجل أنَّ لهم الفضائل السائرة وأنَّ لهم المنزلة بل لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شَهِدَ لهم بالجنة، فنشهد لشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكرت لكم (١) أنَّ أهل العلم في االشهادة بالجنة للمعين اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال ذكرتها لكم سالفاً، ومنها:

أن يُشْهَدَ لمن استفاض عند الأمة الشهادة له بالخير والصلاح والتقوى؛ لأنَّ الله - عز وجل - وَعَدَ أهل الصلاح والخير والتقوى بالجنة، ووَعْدُهُ الحق، والأمة شُهُودُ الله - عز وجل - في الأرض كما جاء في الحديث الصحيح أنه لما مُرَّ بجنازة شَهِدُوا لها بالخير قال «وجبت» ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال «وجبت» ، قالوا: يا رسول الله، ما وجبت؟ قال «تلك أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وهذه أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار أنتم شهداء الله في الأرض» (٢) ، لهذا كان رواية عن الإمام أحمد واختيار ابن تيمية وجماعة أنه بالاستفاضة يُشْهَدْ.

وهؤلاء العشرة مع شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة فإنَّ الأمة أجمعت عليهم، فليس ثَمَّ في الأمة إلى وقْتِ خروج الخوارج إلَّا مَنْ يُحِبْ هؤلاء العشرة ويَتَوَلَّاهم ويَنْصُرُهُم؛ لأنهم الذين نصروا الدين.

فَكُلُّهُم ماتوا والأمة تشهد لهم بالخير والحق والصلاح ونُصْرَةْ النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه.


(١) انظر (٤٥٩)
(٢) سبق ذكره (٤٥٩)

<<  <   >  >>