للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى] :

كرامات الأولياء جمع كرامة، والكرامَةُ في اللغة: إِكْرَامْ من الإِكْرَامْ، وهو ما يُؤْتَى المُكْرَمْ من هِبَةٍ وعَطِيَّة وهِيَ في باب الكرامة من الله - عز وجل -.

وفي الاصطلاح عُرِّفَتْ كرامة الولي بأنَّهَا أَمْرٌ خارق للعادة جرى على يدي ولي.

وكونه خارِقَاً للعادة يخرُجُ به ما يُنْعِمُ الله - عز وجل - به من النِّعَمْ على عباده مما لا يدخل في كونه خارِقَاً للعادة، فأهل الإيمان يُنْعَمُ عليهم بنعم كثيرة وهي إكرامْ من الله - عز وجل -؛ لكن لا تدخل في حد الكرامة.

فالكرامة ضابطها أنَّهَا أمرٌ خارقٌ للعادة.

والعادة هنا، خارقٌ للعادة أي عادة؟

عادة أهل ذلك الزمان.

فقد يكون خارقَاً لعادة أناس في القرن الثاني وهو ليس بخارِقٍ لعادتنا في هذا الزمن.

مثلاً أنْ يَنْتَقِلْ من بلدٍ إلى بلد في ساعة، من الشام إلى مكة أو إلى القدس في ساعة، ويُصَلِّي هنا إلى آخره، أو أن يُحْجَبَ عن بعض المكروه، أو أن يكون عنده علم بحال أُنَاسٍ بالتفصيل يسمع كلامهم ويرى صورتهم في بلدٍ بعيدٍ عنه، هو في الجزيرة ويرى حالهم في الشام أو في مصر أو في خراسان أو ما أشبه ذلك.

هذه في زَمَنٍ مَضَى كانت خوارق لعادة أهل ذلك الزمان لكنَّهَا بالنسبة لأهل هذا الزمان ليست بخارقٍ مُطْلَقاً.

لهذا تُضْبَطْ العادة في تعريف الكرامة (خارقٌ للعادة) بأنها عادة أهل ذلك الزمن.

والمعجزة أيضاً أو الآية والبرهان للنبي وخوارق السَّحَرَة والكهنة كما سيأتي فيها خَرْقٌ للعادة لكن مع اختلاف الخارق واختلاف العادة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(جرى على يَدَي ولي) قوله جرى يعني أنَّهُ أُكْرِمَ به الولي فَجَرَى على يديه.

وقد يكون أُعْطِيَ القدرة وقد يكون الولي أَحَسَّ بالشيء وجَرَى على يديه دون قدرةٍ منه، إما من الملائكة أو بسببٍ شاءه الله - عز وجل -.

وآخر جملة (على يدي ولي) يخْرُجُ منها ما جرى على يَدْ الأنبياء فهي أمرٌ خارق للعادة لكنَّهُ ليس على يدي ولي، وإنما على يدي نبي، كذلك خوارق السحرة والكهنة والمشعوذين فهي شيطانية ليست إيمانية، ولذلك لا تدخل في التعريف.

<<  <   >  >>