للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية] :

(دِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَاحِدٌ) كما قال الطحاوي هنا، فحينئذٍ ليس عندنا أديان سماوية، ولا الأديان الثلاثة.

ومن عَبَّرَ عن اليهودية والنصرانية والإسلام أو غيرها أيضاً بأنها أديان سماوية، هذا غلط عَقَدِي، وغلطٌ أيضاً على الشريعة وعلى العقيدة؛ لأنَّ الدين واحد كما قال - عز وجل - {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران:١٩] ، فالدِّيْنُ الذي جاء من السماء من عند الله وارتضاه الله في السماء وارتضاه في الأرض واحدٌ ليس باثنين، وليس بثلاثة.

فمن الغلط قول القائل: الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والنصرانية والإسلام؛ بل ليس ثَمَّ إلا دينٌ سماويٌ واحد وهو الإسلام فقط، على التفصيل الذي ذكرنا في المسألة الأولى.

فشريعة عيسى عليه السلام تُسَمَّى النصرانية، وشريعة موسى عليه السلام تُسَمَّى اليهودية، أو تقول اليهودية والنصرانية وغير ذلك؛ لكن لا تَنْسِبْ هذه الثلاث بقول القائل الأديان السماوية الثلاثة؛ لأنه كما قال الطحاوي هنا (دِينُ اللَّهِ وَاحِدٌ) ليس متعدداً.

وهذه ذَهَبَ إليها جمعٌ من النصارى ومن اليهود في تصحيح كل الديانات، يعني من القرون الأولى في أنَّ النصرانية دين من الله وأنَّ اليهودية دين من الله والإسلام دين من الله.

وهذا لاشك أنَّهُ باطل ومخالف لنصوص الكتاب والسنة وللإجماع في أنَّ الله - عز وجل - لا يرضى إلا الإسلام، كما قال - عز وجل - {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:٣] وقال {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥] وقال - عز وجل - {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا} [الحج:٧٨] يعني من قبل يعني عند الرسل السالفة.

<<  <   >  >>