للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا وَاَللَّهِ «قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ» قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا قَالَتَا فَأَخْبَرَهُ قَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْت عَلَيْك يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي بِالْبَابِ فَلَتَأْتِيَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فَلْتُخْبِرْهُ بِذَلِكَ قَالَ فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْت مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ.

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْرِكُهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ يَوْمَهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَخَذْنَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِمَعَانٍ. مِنْهَا: أَنَّهُمَا زَوْجَتَاهُ وَزَوْجَتَاهُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ رَجُلٍ إنَّمَا يَعْرِفُهُ سَمَاعًا أَوْ خَبَرًا. وَمِنْهَا: أَنَّ عَائِشَةَ مُقَدَّمَةٌ فِي الْحِفْظِ، وَأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَافِظَةٌ وَرِوَايَةٌ اثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ الَّذِي رَوَتَا عَنْ النَّبِيِّ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَعْقُولِ وَالْأَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا يُعْرَفُ مِنْهُ فِي الْمَعْقُولِ؟ قِيلَ إذَا كَانَ الْجِمَاعُ وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مُبَاحًا فِي اللَّيْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَمْنُوعًا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ فَكَانَ الْجِمَاعُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَمَا كَانَ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُبَاحًا؟ فَإِذَا قِيلَ: بَلَى، قِيلَ: أَفَرَأَيْت الْغُسْلَ أَهُوَ الْجِمَاعُ أَمْ هُوَ شَيْءٌ وَجَبَ بِالْجِمَاعِ؟ فَإِنْ قَالَ هُوَ شَيْءٌ وَجَبَ بِالْجِمَاعِ قِيلَ وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ عَلَى صَائِمٍ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ: فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ فَبِذَلِكَ زَعَمْنَا أَنَّ الرَّجُلَ يُتِمُّ صَوْمَهُ لِأَنَّهُ يَحْتَلِمُ بِالنَّهَارِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَيُتِمُّ صَوْمَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْ فِي نَهَارٍ وَأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا يُوجِبُ إفْطَارًا فَإِنْ قَالَ فَهَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ تُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ: نَعَمْ الدَّلَالَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَالنَّهْيُ عَنْ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ، وَقَدْ كَانَ تَطَيَّبَ حَلَالًا قَبْلَ يَحْرُمُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَوْنُهُ وَرَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ نَفْسَ التَّطَيُّبِ كَانَ وَهُوَ مُبَاحٌ وَهَذَا فِي أَكْثَرِ مَعْنَى مَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ مِنْ جِمَاعٍ مُتَقَدِّمٍ قَبْلَ يَحْرُمُ الْجِمَاعُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنَّى تَرَى الَّذِي رَوَى خِلَافَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ؟ قِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَدْ يَسْمَعُ الرَّجُلُ سَائِلًا يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ جَامَعَ أَهْلَهُ بِلَيْلٍ وَأَقَامَ مُجَامِعًا بَعْدَ الْفَجْرِ شَيْئًا فَأُمِرَ بِأَنْ يَقْضِيَ لِأَنَّ بَعْضَ الْجِمَاعِ قَدْ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ إذَا أَمْكَنَ هَذَا عَلَى مُحَدِّثٍ ثِقَةٍ ثَبَتَ حَدِيثُهُ وَلَزِمَتْ بِهِ حُجَّةٌ؟ قِيلَ كَمَا يَلْزَمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْحُكْمُ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ مَا لَمْ يُخَالِفْهُمَا غَيْرُهُمَا وَقَدْ يُمْكِنُ عَلَيْهِمَا الْغَلَطُ وَالْكَذِبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكْ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِمَا إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِرِ وَلَوْ شَهِدَ غَيْرُهُمَا بِضِدِّ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ شَهَادَتَهُمَا كَمَا يَسْتَعْمِلُهَا إذَا انْفَرَدَا فَحُكْمُ الْمُحَدِّثِ لَا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ كَحُكْمِ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُخَالِفُهُمَا غَيْرُهُمَا وَيُحَوَّلُ حُكْمُهُ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ بِمَا وَصَفْت وَيُؤْخَذُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى الْأَحْفَظِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ بِمَا وَصَفْت بِمَا لَا يُؤْخَذُ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ بِحَالٍ إنْ كَانَ إلَّا قَلِيلًا.

بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ خَالِدٍ الْحِدَاء عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ «عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ. قَالَ: كُنْت مَعَ النَّبِيِّ زَمَانَ الْفَتْحِ فَرَأَى رَجُلًا يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشَرَةٍ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ

<<  <   >  >>