للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا، (وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تَعْلَمَ فَتَسْكُتَ) شَرَطَ الْعِلْمَ بِأَصْلِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِهِ، وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِهِ فَعُذِرَتْ بِالْجَهْلِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَالدَّارُ دَارُ الْعِلْمِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ، بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَتِهَا فَتُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ

(ثُمَّ خِيَارُ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ، وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ)

الْأَوَّلُ أَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ فِي الْفُرْقَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ دُونَ خِيَارِ الْعِتْقِ. وَالثَّانِي أَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَخِيَارُ الْعِتْقِ يَثْبُتُ لِلْجَارِيَةِ فَقَطْ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا. وَالثَّالِثُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا بَلَغَتْ وَقَدْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَالِمَةً بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ أَوْ لَمْ تَكُنْ، أَمَّا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فَلِأَنَّهَا لَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ بِالْخِيَارِ (لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَالدَّارُ دَارُ الْعِلْمِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ فَإِنَّهَا عَلَى خِيَارِهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِهِ، وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِالنِّكَاحِ فَكَانَتْ مَعْذُورَةً فِي الْجَهْلِ؛ وَأَمَّا الْمُعْتَقَةُ فَإِنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِي الْجَهْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ جَاهِلَةً بِالْعِتْقِ أَوْ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَنْفَرِدُ بِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَمَةَ لِاشْتِغَالِهَا بِالْخِدْمَةِ لَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَكَانَتْ مَعْذُورَةً.

وَقَوْلُهُ (ثُمَّ خِيَارُ الْبِكْرِ) تَفْرِيعٌ عَلَى خِيَارِ الْبُلُوغِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ إذَا كَانَ غُلَامًا فَبَلَغَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ (مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ) بِالْجَزْمِ (مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا) وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً وَقَدْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا يَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالسُّكُوتِ (اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>