للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تُنَافِي بَقَاءَ النِّكَاحِ فَيُفَرَّقُ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِيهِ، ثُمَّ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يُفَرَّقُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَحَدِهِمَا لَا يَبْطُلُ بِمُرَافَعَةِ صَاحِبِهِ إذْ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ اعْتِقَادُهُ، وَأَمَّا اعْتِقَادُ الْمُصِرِّ لَا يُعَارِضُ إسْلَامَ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَلَوْ تَرَافَعَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ

وَكَذَلِكَ بِالْمُرَافَعَةِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ فِي الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُرْمَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِلشَّرْعِ أَوْ لِلزَّوْجِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ: إنَّ لَهُ حُكْمَ الْفَسَادِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ لَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَقَاءِ. وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ) جَوَابٌ عَنْ هَذَا التَّشْكِيكِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ (تُنَافِي بَقَاءَ النِّكَاحِ) كَمَا لَوْ اعْتَرَضْت عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (فَيُفَرَّقُ) بَيْنَهُمَا (بِخِلَافِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِيهِ) كَمَا مَرَّ (ثُمَّ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) بِالِاتِّفَاقِ، (وَ) كَذَلِكَ (بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا) وَطُلِبَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا كَإِسْلَامِهِمَا فِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ فَكَذَلِكَ رَفْعُ أَحَدِهِمَا يَكُونُ كَرَفْعِهِمَا؛ لِأَنَّهُ بِرَفْعِهِ انْقَادَ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ.

وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يُفَرَّقُ بِرَفْعِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ اسْتَحَقَّ بِاعْتِقَادِهِ بَقَاءَ هَذَا النِّكَاحِ، وَاسْتِحْقَاقُهُ لَا يَبْطُلُ بِمُرَافَعَةِ الْآخَرِ، (إذْ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ اعْتِقَادُهُ) بَلْ يُعَارِضُهُ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ اعْتِقَادَ الْمِصْرِ لَا يُعَارِضُ إسْلَامَ الْمُسْلِمِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>