للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَلِهَذَا يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ بِهِ ذِمِّيًّا، وَإِنْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ إلَى مِصْرٍ غَيْرِ وَطَنِهَا وَقَدْ كَانَ التَّزَوُّجُ فِيهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَهَذَا رِوَايَةُ كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَتَى وُجِدَ فِي مَكَان يُوجِبُ أَحْكَامَهُ فِيهِ كَمَا يُوجِبُ الْبَيْعُ التَّسْلِيمَ فِي مَكَانِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ حَقُّ إمْسَاكِ الْأَوْلَادِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّزَوُّجَ فِي دَارِ الْغُرْبَةِ لَيْسَ

يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ) أَيْ الشَّخْصُ الْحَرْبِيُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بِهِ) أَيْ بِالتَّزَوُّجِ فِي بَلْدَةٍ (ذِمِّيًّا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا وَقَعَ غَلَطًا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ وَذَكَرَ أَيْضًا فِي سِيَرِ سَائِرِ الْكُتُبِ: إذَا تَزَوَّجَ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيَّةً لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَيَرْجِعَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْتِزَامِ الْمُقَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِالتَّزَوُّجِ فِي بَلَدٍ الْتَزَمَ الْمُقَامَ، وَبِالْتِزَامِ الْمُقَامِ يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالتَّزَوُّجِ فِي بَلَدٍ يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا فَعَادَ الْمَحْظُورُ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ مُتَعَلِّقًا بِذَلِكَ يَنْقَطِعُ الْكَلَامُ عَمَّا قَبْلَهُ وَلَا يَبْقَى لَهُ اتِّصَالٌ فِي مَحَلِّ الْبَحْثِ فَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمِثْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَيَّرَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ الْحَرْبِيِّ إلَى الْحَرْبِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى تَغْيِيرِ اللَّفْظِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَرْبِيُّ صِفَةً لِشَخْصٍ كَمَا قَدَّرْنَا فِي أَوَّلِ الْبَحْثِ، وَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِهِ الْحَرْبِيَّةُ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُ بِتَأْوِيلِ الشَّخْصِ وَبِهَذَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ غَلَطًا إلَى كَوْنِهِ مُلْبِسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فَجَعَلَ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا وَجْهَ الْقِيَاسِ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ فِي بَلَدٍ يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى الْتِزَامِ الْمُقَامِ فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ عَنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَمَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ وَإِنْ صَلَحَ دَلِيلًا عَلَى الْتِزَامِ الْمُقَامِ كَتَزَوُّجِ الْحَرْبِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>