للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ مَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا) قَالَ: (وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا عُرْفًا كَعِزَّةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ) لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا مُتَعَارَفٌ، وَمَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْقُوَّةُ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ فَصَلُحَ ذِكْرُهُ حَامِلًا وَمَانِعًا.

ــ

[العناية]

الْمَدْلُولُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا ذَكَرْت مِنْ شَغْلِ الرَّحِمِ، وَالْمَدْلُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ الذَّنْبُ عِنْدَ الْحِنْثِ مُحَقَّقٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَصِحُّ إقَامَةُ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ.

[بَابُ مَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ ضُرُوبِ الْأَيْمَانِ بَيَّنَ مَا يَكُونُ يَمِينًا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا (وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ) أَيْ بِهَذَا الِاسْمِ (أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَائِهِ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا عُرْفًا كَعِزَّةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ) وَالْمُرَادُ بِالِاسْمِ هَاهُنَا لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَةٍ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَبِالصِّفَةِ الْمَصَادِرُ الَّتِي تَحْصُلُ عَنْ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَاءِ فَاعِلِيهَا كَالرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالْعِزَّةِ. وَالصِّفَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: صِفَةِ ذَاتٍ وَصِفَةِ فِعْلٍ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَجُوزَ الْوَصْفُ بِهِ وَبِضِدِّهِ أَوْ لَا. وَالثَّانِي صِفَةِ الذَّاتِ كَالْعِزَّةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْعِلْمِ. وَالْأَوَّلُ صِفَةُ الْفِعْلِ كَالرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَرْحَمْ الْكَافِرِينَ وَغَضِبَ عَلَى الْيَهُودِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَشَايِخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِ الذَّاتِ يَمِينٌ وَبِصِفَاتِ الْفِعْلِ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ وَعِلْمُ اللَّهِ يَمِينًا، وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّهُ تُرِكَ لِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الْمَعْلُومِ، وَمَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِكُلِّ صِفَةٍ تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهَا يَمِينٌ وَبِكُلِّ صِفَةٍ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ يُحْلَفُ بِهَا عُرْفًا. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا مُتَعَارَفٌ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْقُوَّةُ إلَخْ) ذَكَرَهُ اسْتِظْهَارًا لِأَنَّهُ لَمَّا بَنَى الْأَيْمَانَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>