للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الصَّحِيحِ، لِأَنَّ الِانْتِقَالَ بِالْأَمْرِ لَا بِمُجَرَّدِ الرِّضَا.

قَالَ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْمَوْجُودَ خُرُوجٌ مُسْتَثْنًى، وَالْمُضِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ.

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَهُوَ الشَّرْطُ، إذْ الْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِيهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَهَا) لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا﴾ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَيْهَا قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ، وَقِيلَ هُوَ كَالْخُرُوجِ

وَقَوْلُهُ (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِامْتِنَاعِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ صَارَ كَالْآمِرِ بِالْإِخْرَاجِ.

وَقَوْلُهُ (وَالْمُضِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ) يَعْنِي أَنَّ الْخُرُوجَ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْتِقَالِ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ وَلَمْ يُوجَدْ.

وَقَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ) هَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ: الْخُرُوجُ وَالْإِتْيَانُ وَالذَّهَابُ وَالْأَوَّلُ شَرْطُ الْحِنْثِ بِهِ الِانْفِصَالُ بِمُجَاوَزَةِ عِمْرَانِ مِصْرِهِ قَاصِدًا لِذَلِكَ دُونَ الْوُصُولِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وَأَرَادَ بِهِ الِانْفِصَالَ.

وَالثَّانِي شَرْطُهُ الْوُصُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ﴾ فَإِذَا وَصَلَ حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ قَاصِدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالثَّالِثُ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِتْيَانُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>