للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَى الْغَانِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا انْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ تُرَدُّ قِيمَتُهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ لَمْ يُقَسَّمْ، وَإِنْ قُسِّمَتْ الْغَنِيمَةُ فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ وَالْفَقِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامِ الْأَصْلِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ.

(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ) قَالَ (وَيُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ خُمُسَهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] اسْتَثْنَى الْخُمُسَ (وَيُقَسِّمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ»

ــ

[العناية]

الْغَنِيمَةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَصَدَّقُوا بِهِ. وَيُقَالُ رَجُلٌ مَحُوجٌ: أَيْ مُحْتَاجٌ، وَقَوْمٌ مَحَاوِيجُ. وَقَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَى الْغَانِمِينَ يَعْنِي لِتَفَرُّقِهِمْ.

وَقَوْلُهُ (فَأَخَذَ حُكْمَهُ) أَيْ أَخَذَتْ الْغَنِيمَةُ حُكْمَ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ضَمِيرَ الْغَنِيمَةِ عَلَى تَأْوِيلِ مَا يَقُومُ أَوْ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ: يَعْنِي لَوْ كَانَ فَاضِلُ الْغَنِيمَةِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَقَدْ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ فَكَذَا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

لَمَّا بَيَّنَ أَحْكَامَ الْغَنَائِمِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ قِسْمَتِهَا، وَالْقِسْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ جَمْعِ النَّصِيبِ الشَّائِعِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ (وَيَقْسِمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ خُمُسَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] اسْتَثْنَى الْخُمُسَ) أَيْ أَخْرَجَهُ، اسْتَعَارَ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْإِخْرَاجِ لِوُجُودِ مَعْنَاهُ فِيهِ (وَيَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] أَضَافَ الْغَنِيمَةَ إلَى الْغَانِمِينَ وَهُمْ الْغُزَاةُ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فَكَانَ بَيَانَ ضَرُورَةِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَخْمَاسِ لِلْغُزَاةِ، وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَلِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لِلْغَانِمِينَ بِالْإِجْمَاعِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا إيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>