للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَشْهَدُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا.

الِاسْتِصْحَابِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نَصْرَانِيَّةَ امْرَأَةِ النَّصْرَانِيِّ كَانَتْ ثَابِتَةً فِيمَا مَضَى ثُمَّ جَاءَتْ مُسْلِمَةً وَادَّعَتْ إسْلَامًا حَادِثًا؛ فَبِالنَّظَرِ إلَى مَا كَانَتْ فِيمَا مَضَى وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَبْقَى هُوَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَبِالنَّظَرِ إلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِيمَا مَضَى هُوَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي، فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الْأَوَّلَ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا كَانَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ مُثْبِتًا وَهُوَ بَاطِلٌ فَاعْتَبَرْنَا الثَّانِيَ لِيَكُونَ دَافِعًا فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ نَصْرَانِيَّتَهَا كَانَتْ ثَابِتَةً وَالْإِسْلَامُ حَادِثٌ، فَالنَّظَرُ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ يَقْتَضِي بَقَاءَهَا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالنَّظَرُ إلَى الْإِسْلَامِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ مُثْبِتًا وَهُوَ لَا يَصْلُحُ فَاعْتَبَرْنَا الْأَوَّلَ لِيَكُونَ دَافِعًا وَالْوَرَثَةُ هُمْ الدَّافِعُونَ فَيُفِيدُهُمْ الِاسْتِدْلَال بِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَيَشْهَدُ لَهُمْ) دَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ وَالْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ. فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ مُعْتَبَرٌ فِي الدَّلَالَةِ كَانَ ظَاهِرُ زُفَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُعَارِضًا لِلِاسْتِصْحَابِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُرَجِّحٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الدَّفْعِ لَا فِي الْإِثْبَاتِ، وَزُفَرُ يَعْتَبِرُهُ لِلْإِثْبَاتِ. وَنُوقِضَ بِنَقْضٍ إجْمَالِيٍّ وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ عَلَى أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا بِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِهِ لَمَا قُضِيَ بِالْأَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا كَانَ مَاءُ الطَّاحُونَةِ جَارِيًا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِهِ لِإِثْبَاتِ الْأَجْرِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ لِدَفْعِ مَا يَدَّعِي الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْآجِرِ مِنْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِسُقُوطِ الْأَجْرِ، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْأَجْرِ فَإِنَّهُ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ الْمُوجِبِ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>