للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُمَا رَقِيقَانِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَكُونُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُمَا رَقِيقَانِ إلَّا أَنَّهُمَا صَغِيرَانِ لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ فَذَلِكَ مَصْرِفُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيُدْفَعُ يَدُ الْغَيْرِ عَنْهُمَا فَانْعَدَمَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ Object أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالثِّيَابِ، وَالْفَرْقُ مَا بَيِّنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ) مَرْدُودٌ إلَى قَوْلِهِ سِوَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَأَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً فِي يَدِ شَخْصٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْرِفَ رِقَّهُمَا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُمَا مِلْكُ مَنْ هُمَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَكُونُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا أَوْ كَبِيرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ عَاقِلًا غَيْرَ بَالِغٍ كَانَ أَوْ بَالِغًا فَذَلِكَ مَصْرِفُ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ سِوَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، فَإِنَّ الْيَدَ فِي ذَلِكَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي أَيْدِي أَنْفُسِهِمَا وَذَلِكَ يَرْفَعُ يَدَ الْغَيْرِ عَنْهُمَا حُكْمًا، حَتَّى إنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي يَعْقِلُ إنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ جَازَ وَيَصْنَعُ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ مَا يَصْنَعُ بِمُلُوكِهِ.

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ لَوْ كَانَا لِتَعْبِيرِهِمَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا لَاعْتُبِرَ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مِنْهُمَا بَعْدَ الْكِبَرِ فِي يَدِ مَنْ يَدَّعِي رِقَّهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ لِثُبُوتِ الرِّقِّ عَلَيْهِمَا لِلْمَوْلَى فِي الصِّغَرِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمَا رِقٌّ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ Object أَنَّهُ قَالَ: يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالثِّيَابِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، فَجَعَلُوا الْيَدَ دَلِيلًا عَلَى الْمِلْكِ فِي الْكُلِّ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً فِي يَدِ غَيْرِهِ وَذُو الْيَدِ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ فَالْقَوْلُ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِقِيَامِ يَدِهِ كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ، وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّا وَهُوَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا يَدْفَعَانِ بِهَا يَدَ الْغَيْرِ عَنْهُمَا، بِخِلَافِ الثِّيَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>