للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى)

وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ (اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِالْعَيْبِ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ثَمَنُ مَا رَدَّهُ وَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ بِاتِّفَاقِهِمَا ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَدَّعِي زِيَادَةَ السُّقُوطِ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ الْهَالِكِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا ظَاهِرًا لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ وَهَذَا لِفِقْهٍ. وَهُوَ أَنَّ فِي الْأَيْمَانِ تُعْتَبَرُ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَهُمَا يَعْرِفَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَبُنِيَ الْأَمْرُ عَلَيْهَا وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ حَقِيقَةً فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ،

يَوْمَ الْقَبْضِ. هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّارِحِينَ.

وَأَقُولُ: الْأَصْلُ فِيمَا هَلَكَ وَكَانَ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ أَنْ تُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ، إلَّا إذَا وُجِدَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَهُوَ مَقْبُوضٌ عَلَى جِهَةِ الضَّمَانِ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ صَارَ الْعَقْدُ مَفْسُوخًا فِي الْهَالِكِ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ غَيْرَ مَفْسُوخٍ نَظَرًا إلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْهَلَاكُ فَعَمِلْنَا فِيهِ بِالْوَجْهَيْنِ، وَقُلْنَا بِلُزُومِ الْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ نَظَرًا إلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَبِانْقِسَامِهِ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ نَظَرًا إلَى الِانْفِسَاخِ (وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ (وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَلَا مُعْتَبَرَ لِدَعْوَى الْمُشْتَرِي زِيَادَةً فِي قِيمَةِ الْقَائِمِ لِأَنَّهَا ضِمْنِيَّةٌ، وَالِاخْتِلَافُ الْمَقْصُودُ هُوَ مَا كَانَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا هُوَ عَلَى قِيَاسِهِ مِنْ بُيُوعِ الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ الْفِقْهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ هَاهُنَا قَوْلُ الْبَائِعِ، وَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ مَعَ أَنَّ الْمَعْهُودَ خِلَافُ ذَلِكَ، إذْ الْبَائِعُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إذَا أَنْكَرَ، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةِ يَنْبَنِي عَلَى أَمْرٍ جَازَ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الْآخَرِ بِاعْتِبَارَيْنِ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>