للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

فِي الْقِرَاءَةِ (الْقِرَاءَةُ فِي الْفَرْضِ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ، وَكُلُّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ تَيْسِيرًا.

فَصْلٌ):

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالنَّوْفَلِ عَلَى التَّرْتِيبِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ وُجُوبُهَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَرَائِضِ الرَّبَاعِيَةِ مُخَمَّسَةٌ، فَعِنْدَنَا هِيَ فَرْضٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ: الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَذْكَارِ حِينَ شُرِعَ شُرِعَ سُنَّةً وَجَبَتْ الْمُخَافَتَةُ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهَاهُنَا وَجَبَ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي أَكْثَرِ الصَّلَوَاتِ بَلْ فِي كُلِّهَا مِنْ حَيْثُ الْأَصْلُ، فَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَكَانَتْ مُخَافَتَةً؛ لِأَنَّ مَبْنَى التَّطَوُّعَاتِ عَلَى الْخُفْيَةِ وَالْكِتْمَانِ، عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَخَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ الْحَسَنِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَلَا يَلْزَمُ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا فَإِنَّ التَّكْرَارَ فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ ذَلِكَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ، وَهُوَ أَنَّا نُسَلِّمُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ. وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْقِرَاءَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>