للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا إذَا ادَّعَى رَقَبَتَهَا، وَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ يَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ شُفْعَتِهِ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا، فَإِنْ قَالَ: أَنَا شَفِيعُهَا بِدَارٍ لِي تُلَاصِقُهَا الْآنَ تَمَّ دَعْوَاهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ. وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى تَحْدِيدَ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي يُشْفَعُ بِهَا أَيْضًا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ بِالتَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. قَالَ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يُشْفَعُ بِهِ) مَعْنَاهُ بِطَلَبِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، ثُمَّ هُوَ اسْتِحْلَافٌ عَلَى مَا فِي يَدِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ (فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ ثَبَتَ مِلْكُهُ فِي الدَّارِ الَّتِي يُشْفَعُ بِهَا وَثَبَتَ الْجِوَارُ فَبَعْدَ ذَلِكَ سَأَلَهُ الْقَاضِي) يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هَلْ ابْتَاعَ أَمْ لَا، فَإِنْ أَنْكَرَ الِابْتِيَاعَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ)؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْعِ وَثُبُوتُهُ بِالْحُجَّةِ. قَالَ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا ابْتَاعَ أَوْ بِاَللَّهِ مَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ شُفْعَةً مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ) فَهَذَا عَلَى الْحَاصِلِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى السَّبَبِ وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِيهِ

وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا) لِأَنَّهَا عَلَى مَرَاتِبَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ لِيُعْلَمَ هَلْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا، وَرُبَّمَا ظَنَّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ كَالْجَادِّ الْمُقَابِلِ سَبَبًا فَإِنَّهُ سَبَبٌ عِنْدَ شُرَيْحٍ إذَا كَانَ أَقْرَبَ بَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانٍ.

وَقَوْلُهُ (تَمَّ دَعْوَاهُ) قِيلَ لَمْ يَتِمَّ بَعْدُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَهُ فَيَقُولُ: هَلْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبِضْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَحْضُرْ الْبَائِعُ ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ السَّبَبِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: مَتَى أُخْبِرْت بِالشِّرَاءِ وَكَيْفَ صَنَعْت حِينَ أُخْبِرْت بِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُدَّةَ طَالَتْ أَوْ لَا، فَإِنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَاهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَهَذَا لَا يَلْزَم الْمُصَنِّفَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِالتَّأْخِيرِ. وَقِيلَ سَأَلَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ الْإِشْهَادِ، فَإِذَا قَالَ طَلَبْت حِينَ عَلِمَتْ وَأُخْبِرَتْ عَنْ غَيْرِ لُبْثٍ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ الِاسْتِفْرَادِ، فَإِنْ قَالَ طَلَبْته مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ سَأَلَهُ عَنْ الْمَطْلُوبِ بِحَضْرَتِهِ هَلْ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ قَالَ نَعَمْ صَحَّ دَعْوَاهُ، ثُمَّ يُقْبَلُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِمِلْكِهِ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ وَإِلَّا كَلَّفَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرًا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ يَدَ مِلْكٍ وَإِجَادَةٍ وَعَارِيَّةٍ، وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكْفِي لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ أَقَامَ فَقَدْ نَوَّرَ دَعْوَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ اُسْتُحْلِفَ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ الشَّفِيعِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّفِيعَ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَشْفَعُ بِهِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَإِذَا أَنْكَرَهُ لَزِمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ لِكَوْنِهِ اسْتِحْلَافًا عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ دَعْوَى الشَّفِيعِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ ابْتَاعَ أَمْ لَا، فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ أَقَامَهَا فَذَاكَ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اُسْتُحْلِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الشُّفْعَةَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ فَهَذَا عَلَى الْحَاصِلِ وَالْأَوَّلُ عَلَى السَّبَبِ، وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>