للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وقلت له: والله لو قالها أجلّ المتقدمين فى الشعر مكانا لكان قد أجاد؛ قال:

فما رأيته هشّ لذلك، ولا قبله.

وحدثنى أبو عبد الله الحكيمى، قال: حدثنى ميمون بن هارون، عن أبى الحسن على بن يحيى، قال: كان إسحاق الموصلى لا يعدّ أبا نواس شيئا، ويقول: هو كثير الخطأ، وليس على طريق الشعراء. قال: فكنت أنازله، فلا يحفل بذلك. فأنشدته يوما: «وخيمة ناطور ... » الأبيات، قال: فما رأيته هشّ لذلك. فقلت: والله لو كانت لبعض الأعراب المتقدمين لكانت فى أعيان الشعر عندك.

قال أحمد بن أبى سهل الحلوانى، وجدت بخطّ ابن شاهين: حدثنى محمد بن بشار البصرى المعروف بعسل، قال: سمعت شيخا من أهل أصبهان يقول: سمعت أبا نواس يقول: لو كان شعرى كله يملأ الفم ما تقدّمنى أحد.

حدثنى على بن أبى عبد الله الفارسى، قال: أخبرنى أبى، قال: حدثنى أحمد بن أبى طاهر، قال: حدثنى الفضل بن محمد اليزيدى وغيره ممن كان يجالس إسحاق بن إبراهيم الموصلى، قال: سمعت إسحاق- وذكر قوم عنده أبا نواس، فأفرطوا فى مدحه وتقديمه- قال: ما ظننت أنى أعيش إلى زمان أرى شعر أبى نواس ينفق «٤» فيه هذا النفاق، ولقد رأيته فى طبقة هو أخسهم إذا حضروا، وإنّ له على ذلك للشّىء بعد الشىء مما يحسن فيه.

حدثنى عبد الله بن يحيى العسكرى، عن الحسين بن فهم، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلى، قال: غنّى إبراهيم بن المهدى محمدا الأمين صوتا لم أحمده فى شعر لأبى نواس لم أرتضه، فقام إليه عن مجلسه، فقبّل رأسه. فقام إبراهيم فقبّل أسفل قدميه، فأمر له بثلاثمائة دينار. فقال إبراهيم: يا سيدى، قد أمرت لى إلى هذه [١٥١] الغاية بعشرين ألف ألف درهم. فقال: وهل هى إلّا خراج بعض الكور؟ قال: والشعر الذى تغنّى فيه إبراهيم قول أبى نواس فى محمد يمدحه:

يا كثير النّوح فى الدّمن «٥» ... لا عليها بل على السّكن

<<  <   >  >>