للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال محمد «٣٦» : وشعر أبى تمام أجود مبتدأ ومتّبعا، وهو أحق بالمعنى «٣٧» .

وقد تبع البحترى شعر أبى تمام، فقال فى هذا المعنى «٣٨» :

وعطاء غيرك إن بذل ... ت عناية فيه عطاؤك

١٧- إسحاق بن إبراهيم الموصلى [١]

أخبرنا أبو بكر الجرجانى، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: أنشد إسحاق الموصلى الأصمعىّ قوله فى غضب المأمون عليه:

يا سرحة الماء قد سدّت موارده ... أما إليك طريق غير مسدود

لحائم حام حتى لا حيام به ... محلأ عن طريق الماء مطرود

فقال الأصمعى: أحسنت فى الشعر، غير أن هذه الحاءات لو اجتمعت فى آية الكرسى لعابتها.

أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنى محمد بن موسى البربرى، عن حماد بن إسحاق الموصلى، قال: عيب على أبى قوله:

وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الدّيار من الديّار

فعابوا قوله: «يوما» ، فقال لهم: لعمرى إنه حشولا زيادة فيه، ولكن ضعوا مكانه مثله أو أجود منه؛ فاجتمع جماعة ونظروا فلم يجدوا للبيت حشوا أصلح من قوله يوما، إلّا أنّ إسحاق غيّره بعد ذلك فقال:

وكل مسافر يزداد شوقا


[١] كان إسحاق بن إبراهيم الموصلى فقيرا، ثم إنه كثر ماله، واشترى بالبصرة شيئا كثيرا من أرض النخل، وتحول إليها، وخدم خمسة من الخلفاء بظرفه وأدبه وبراعته فى صناعته. وكان حسن المعرفة حلو النادرة، مليح المحاضرة جيد الشعر مذكورا بالسخاء معظما عند الخلفاء. وبرع فى علم الغناء وغلب عليه فنسب إليه. ومات إسحاق سنة خمس وثلاثين ومائتين.
وترجمته فى الأغانى ٥- ٥٢، وشذرت الذهب ٢- ٨٢، ونهاية الأرب: ٥ وتاريخ بغداد ٦- ٣٣٨.

<<  <   >  >>