للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفاك أحسن من وجه غيرك؛ وظنّ أنه إذا قال هذا «١٩» كان أبلغ فى المديح. أعطوه ما أمّل، وعرّفوه ما جهل.

قال: فقلت له: والله لو ورد هذا على العباس جدّها رضى الله تعالى عنه- فإنه النهاية فى العقل [٢١٦]- ما كان عنده من الحلم والاحتمال أكثر من هذا! قال: وقال الجاحظ بعقب هذا الحديث: كانت زبيدة أعقل الناس، وأفصح الناس.

أخبرنى عبد الله بن سليمان أنّ أحمد بن سليمان بن وهب كتب إلى أبى أحمد عبيد الله بن طاهر كتابا ضمّنه هذين البيتين لبعض الأعراب:

وعهدى بليلى وهى ذات ذؤابة ... تردّ علينا بالعشىّ المراميا

فشبّ بنو ليلى وشب بنوابنها ... وهذى بقايا حبّ ليلى كماهيا

فأجابه أبو أحمد جوابا يقول فيه: وأما البيتان اللذان ذكرتهما وحثثت بهما على الوفاء فقد استحسنتهما واحتجت إلى الاستثبات فى قوله:

تردّ علينا بالعشىّ المراميا

وأى شىء أراد بالمرامى؟ فإن الذى يعرف أنّ المرامى جمع مرمى، والمرمى المقذف، وهو مصدر رمى رميا كما ترى، فإن كان أراد بالمرامى النبل فهو موجود فى كلام العرب، وله شاهد. وكأن قوله:

شبّ بنو ليلى وشبّ بنو ابنها

يقتضى أن يكون قال: «شبّ بنو ابنها منه، أو من غيره! فإنه لم يقدّم ذكرا لملكه إياها، وأنها أمّ ولده؛ وإن كانوا يتكلمون على علم المخاطب- ويروى أنّ البلاغة لمحة دالّة، وكأنّ من سمع البيتين مع استحساننا جميعا إياهما وقف على قوله: «بقايا حبّ.

ليلى» وأراد منه ألّا يكون ذكر البقايا، وأن يكون احتال حتى جعل مكانها أوّل الافتتاح،

<<  <   >  >>