للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال محمد: وقد ملح عبيد الله وظرف. وهذه القصيدة أكثر من مائتى بيت مرّ له فيها إحسان كبير، ومن نسيبها ممّا يدل على قول عبيد الله:

أجنت لك الوجد أغصان وكثبان ... فيهنّ نوعان تفّاح ورمّان

وفوق ذينك أعناب مهدّلة ... سود لهنّ من الظلماء ألوان

وتحت هاتيك عنّاب يلوع به ... أطرافهنّ قلوب القوم قنوان «٤٩»

غصون بان عليها الدهر فاكهة، ... وما الفواكه مما يحمل البان

ونرجس بات سارى الطّل يضربه، ... وأقحوان منير النّور ريّان [٢٢٠]

ألفن من كل شىء طيّب حسن، ... فهنّ فاكهة شتّى وريحان

فلما سمع أبو الصقر قوله:

هذا الذى حكمت قدما بسودده ... عدنان ثمّ أجازت ذاك قحطان

قالوا أبو الصّقر من شيبان قلت لهم ... كلا لعمرى، ولكن منه شيبان

قال: هجانى والله! قيل له: هذا من أحسن المديح، اسمع ما بعده:

وكم أب قد علا بابن ذرى شرف ... كما علا برسول الله عدنان

فقال: أنا بشيبان، ليس شيبان بى. قيل له: فقد قال:

ولم أقصّر بشيبان التى بلغت ... بها المبالغ أعراق وأغصان

لله شيبان قوم لا يشيّبهم ... روع إذا الروع شابت منه ولدان

فقال: والله لا أتبته على هذا الشعر، وقد هجانى فيه.

قال الشيخ أبو عبيد الله المرزبانى رحمه الله تعالى. وهذا ظلم من أبى الصقر لابن الرومى، وقلة علم منه بالفرق بين الهجاء والمديح.

<<  <   >  >>