للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا شربت فإننى مستهلك ... مالى وعرضى وافر لم يكلم

وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى ... وكما علمت شمائلى وتكرّمى

وحدثنى عبد الله بن أحمد، عن أبى العباس المبرّد، قال: عيب على طرفة بيته هذا.

وقيل: إنما يهب هؤلاء إذا تغيرت عقولهم؛ وإنما الجيد بيتا عنترة هذان؛ فخبّر أنّ جوده باق؛ لأنه لا يبلغ من الشراب ما يثلم عرضه؛ ثم قالوا: هو حسن جميل، إلا أنه أتى به فى بيتين؛ هلّا قال كما قال امرؤ القيس «٧» :

سماحة ذا وبرّ ذا ووفاء ذا ... ونائل ذا، إذا صحا وإذا سكر

وأخبرنى الصّولى، قال: عيب على طرفة قوله:

أسد غيل ... البيت.

فجعل إعطاءهم عند الشّرب؛ ويروى: «فإذا ما سكروا» ، فتبعه حسان بن ثابت الأنصارى، فقال- وهو أعيب من الأول «٨» :

نولّيها الملامة إن ألمنا ... إذا ما كان مغث أو لحاء «٩»

ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللّقاء «١٠»

[٢٥] فقول طرفة خير من هذا؛ لأنه قال:

أسد غيل فإذا ما شربوا

فجعل لهم الشجاعة قبل الشرب، وحسان قال: نشرب فنشجع ونهب كأنّا ملوك إذا شربنا؛ فلهذا كان قول طرفة أجود، وقول عنترة أحسن؛ لأنه احترس من عيب الإعطاء على السكر وأن السكر زائد فى سخائه، فقال:

وإذا شربت فإننى مستهلك

<<  <   >  >>