للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ترتيب الخلافة، فله حالتان:

[الحالة الأولى ما كان عليه الحال في الزمن القديم]

اعلم أن الخلافة لابتداء الأمر كانت جارية على ما ألف من سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلم:

من خشونة العيش، والقرب من الناس، واطّراح الخيلاء، وأحوال الملوك، مع ما فتح الله تعالى على خلفاء السلف من الأقاليم، وجبى إليهم من الأموال التي لم يفز عظماء الملوك بجزء من أجزائها. وناهيك أنهم فتحوا عدّة من الممالك العظيمة التي كانت يضرب بها المثل في عظم قدرها، وارتفاع شأن ملوكها، من ممالك المشرق والمغرب، حتّى ذكر عظماء الملوك عند بعض السلف فقال: «إنما الملك الذي يأكل الشعير ويعسّ «١» على رجليه بالليل ماشيا وقد فتحت له مشارق الأرض ومغاربها» يريد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن سلّم الحسن رضي الله عنه الأمر لمعاوية؛ وإلى ذلك الإشارة بقوله صلّى الله عليه وسلم:

«الخلافة في أمّتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك» فكان آخر الثلاثين خلافة الحسن.

فلما سلّم الحسن رضي الله عنه لمعاوية بعد وقوع الاختلاف وتباين الآراء، اقتضى الحال في زمانه إقامة شعار الملك، وإظهار أبهة الخلافة، فأخذ في ترتيب أمور الخلافة على نظام الملك لما في ذلك من إرهاب العدو وإخافته.

بل كان ذلك شأنه وهو أمير بالشأم قبل أن يلي الخلافة، حتّى حكى صاحب «العقد» وغيره أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم الشأم في خلافته، وهو راكب على حمار، ومعه عبد الرحمن بن عوف، ومعاوية أمير على

<<  <  ج: ص:  >  >>