للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشاطيء النيل، وقد حمل إليه من القصر بيت مثمن من العاج والآبنوس كل جانب منه ثلاثة أذرع، وطوله قامة رجل تام، فيركب في العشاريّ المذكور وعليه قبة من خشب محكم الصنعة، وهو وقبّته ملبّس صفائح الفضة المذهبة، ثم يخرج الخليفة من دار الملك المذكور ومعه من الاستاذين المحنّكين من يختاره من ثلاثة إلى أربعة، ثم يطلع خواصّ الخليفة إلى العشاريّ والوزير ومعه من خواصّه اثنان أو ثلاثة لا غير، فيجلس الوزير في رواق بظاهر البيت المذكور، بفوانيس من خشب مخروط مدهونة مذهبة، بستور مسدلة عليه، ويسير العشاريّ من باب المنظرة إلى باب المقياس العالي على الدّرج، فيطلع من العشاريّ، ويدخل إلى الفسقية التي فيها المقياس، والوزير والأستاذون المحنكون بين يديه، فيصلّي هو والوزير كلّ منهما ركعتين بمفرده، ثم يؤتى بالزّعفران والمسك فيديفه في إناء بيده بآلة معه، ويتناوله صاحب بيت المال فيناوله لابن أبي الرّداد، فيلقي نفسه في الفسقية بثيابه فيتعلق في العمود برجليه ويده اليسرى ويخلّقه بيده اليمنى، وقرّاء الحضرة من الجانب الآخر يقرأون القرآن؛ ثم يخرج على فوره راكبا في العشاري المذكور، ثم يعود إلى دار الملك، ويركب منها عائدا إلى القاهرة؛ وتارة ينحدر في العشاريّ إلى المقس، ويتبعه الموكب فيسير من هناك إلى القاهرة. ويكون في البحر ذلك اليوم نحو ألف مركب مشحونة بالناس للتفرّج وإظهار الفرح. فإذا كان اليوم الثاني من التخليق أتى ابن أبي الردّاد إلى الإيوان الكبير الذي فيه الشّبّاك بالقصر فيجد خلعة مذهبة بطيلسان مقوّر، ويدفع إليه خمسة أكياس في كل كيس خمسمائة درهم مهيأة له، فيلبس الخلعة، ويخرج من باب العيد المتقدّم ذكره في أبواب القصر، وقد هييء له خمسة بغال على ظهورها الأحمال المزيّنة بالحليّ، على ظهر كل منها راكب وبيده أحد الأكياس الخمسة المتقدّمة الذكر ظاهر في يده، وأقاربه وبنو عمه يحجبونه وأصدقاؤه حوله، وأمامه حملان من النّقّارات

<<  <  ج: ص:  >  >>