للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الريح منها، ووال للتركيز يسمّى الحاجب. وقد مرّ القول على معاملتها، وذكر أحوالها في الكلام على قواعد الديار المصرية المستقرة فأغنى عن إعادته هنا.

وهذه النيابة مع جلالة قدرها ورفعة محلّها ليس لها عمل يحكم فيه نائبها ولا قاضيها ومحتسبها، بل حكمهم قاصر على المدينة وظواهرها لا يتعدّى ذلك، بخلاف غيرها من سائر نيابات المملكة؛ وبها كرسيّ سلطنة بدار النيابة؛ وعادة الخدمة السلطانية بها في أيام المواكب أن يركب نائب السلطنة من دار النيابة وفي خدمته مماليكه وأجناد المائتين المتقدّم ذكرهم، ويخرج من دار النيابة عند طلوع الشمس، ويسير في موكبه والشّبّابة السلطانية بين يديه حتّى يخرج من باب البحر، ويخرج الأمراء المركّزون على حدتهم أيضا، ويجتمعون في الموكب ويسيرون خارج باب البحر ساعة ثم يعودون، ويتوجه النائب إلى دار النيابة في مماليكه وأجناد المائتين، وقد فارقه الأمراء المركّزون وتوجه كلّ منهم إلى منزله. فإذا صار إلى دار النيابة: فإن كان في ذلك الموكب سماط، وضع الكرسيّ في صدر الإيوان مغشّى بالأطلس الأصفر ووضع عليه سيف نمجاة سلطانية ومدّ السماط تحته وأكل مماليك النائب وأجناد المائتين وجلس النائب بجنبة من الإيوان والشباك مطلّ على مينا البلد، ويجلس القاضي المالكيّ عن يمينه، والقاضي الحنفيّ عن يساره، والناظر تحته، والموقّع بين يديه، ورؤوس البلد على قدر منازلهم، وترفع القصص فيقرؤها الموقّع على النائب فيفصلها بحضرة القضاة ثم ينصرف الموكب.

قلت: وهذه النيابة مستحدثة، وكان ابتداء ترتيبها في سنة سبع وستين وسبعمائة في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين حين طرقها الفرنج وفتكوا بأهلها وقتلوا ونهبوا وأسروا، وكانت قبل ذلك ولاية تعدّ في جملة الولايات الطبلخاناه، وكان لواليها الرتبة الجليلة والمكانة العلية.

الثانية- نيابة الوجه البحريّ. وهي مما استحدث في الدولة الظاهرية برقوق، ونائبها من الأمراء المقدّمين، وهو في رتبة مقدّم العسكر بغزّة الآتي ذكره في المماليك الشامية، ومقرّ نيابتها مدينة دمنهور بالبحيرة، وحكمه على جميع بلاد

<<  <  ج: ص:  >  >>