للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك بعده ابنه (مراد بك) وتوغّل في بلاد النصرانية فيما وراء الخليج القسطنطينيّ في الجانب الغربيّ، وفتح بلادهم إلى أن قرب من خليج البنادقة، وجبال جنوة، وصير أكثرهم أمراء ورعايا له، وعاث في بلاد الكفّار بما لم يعهد قبله من مثله، وأحاط بالقسطنطينيّة من كل جانب حتّى أعطاه صاحبها الجزية. ولم يزل على ذلك حتّى قتل في حرب الصّقالبة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.

وملك بعده ابنه (أبو يزيد) فجرى على سنن أبيه، وغلب على قطعة من بلاد الروم هذه فيما بين سيواس وأنطاليا والعلايا، بساحل البحر إلى قريب مدينة بني قرمان، ثم تزوّج في بني قرمان بنت أحدهم وغلب على ما بيده من تلك النواحي، ودخل بنو قرمان وسائر التّركمان في طاعته، ولم يبق خارجا عن ملكه إلا سيواس التي كانت بيد قاضيها (إبراهيم) المتغلّب عليها وملطية الداخلة في مملكة الديار المصرية ومضافاتها على ما تقدّم. ولم يزل على ذلك حتّى قصده تمرلنك «١» بعد تخريب الشام في سنة ثلاث وثمانمائة وقبض عليه، فبقي في يده حتّى مات.

وملك بعده ابنه (سليمان جلبي) وبقي حتّى مات.

فملك بعده أخوه (محمد بن أبي يزيد) بن مراد بك بن عثمان جق، وهو القائم بمملكتها إلى الآن.

قال في «مسالك الأبصار» : ولو قد اجتمعت هذه البلاد لسلطان واحد، وكفّت بها أكفّ المفاسد، لما وسع ملوك الأرض إلا انتجاع سحابه، وارتجاع كل زمان ذاهب في غير جنابه، ثم قال: الله أكبر إن ذلك لملك عظيم، وسلك نظيم، وسلطنة كبرى ودنيا أخرى (ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) *

«٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>