للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكسرها وضمها وأكثر ما تستعمل في المكاتبات. وهي من الألقاب القديمة التي كانت تستعمل في مكاتبات الخلفاء، وكان يقال فيها «الحضرة العالية» و «الحضرة السامية» وتستعمل الآن في المكاتبات الصادرة عن الأبواب السلطانية إلى بعض الملوك. ويقال فيها: «الحضرة الشريفة العالية» و «الحضرة الكريمة العالية» و «الحضرة العليّة» بحسب ما تقتضيه الحال. قال ابن شيث في «معالم الكتابة» : كانت مما يكتب بها لأعيان الدولة من الوزراء وغيرهم، ولم يكن السلطان يكاتب بها أحدا من الداخلين تحت حكمه والمنسحب عليهم أمره.

وتستعمل أيضا في مكاتبات ملوك الكفر، ويقال فيه بعد الدعاء للحضرة: «حضرة الملك الجليل» ونحو ذلك على ما سيأتي بيانه في موضعه. وقد تستعمل في الولايات في نحو ما يكتب للبطرك. فيقال: «حضرة الشيخ» أو «حضرة البطرك» ونحو ذلك. قلت: وكثير من كتّاب الزمان يظنّون أن هذه الألقاب الأصول أو أكثرها أحدثها القاضي شهاب الدين بن فضل الله وليس كذلك، بل المجلس مذكور في مكاتبات القاضي الفاضل ومن عاصره بكثرة بل لا تكاد مكاتبة من مكاتباته الملوكيّة تخلو عن ذلك. ومقتضى كلام ابن حاجب النّعمان في «ذخيرة الكتّاب» أنّه أوّل ما ابتدع في أيّام بني بويه ملوك الدّيلم والجناب موجود في مكاتبات القاضي الفاضل أيضا بقلّة. وقد ذكره ابن شيث في مصطلح كتابة الدولة الأيوبية. والمقرّ موجود في كلام القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر.

والمقام موجود في مكاتبات من قبل القاضي شهاب الدّين المذكور، نعم هذا الترتيب الخاصّ: وهو جعل أعلاها المقام، ثم المقرّ، ثم الجناب، ثم المجلس، ثم مجلس الأمير أو القاضي أو الشيخ، لم أره إلا في كلام المقرّ الشهابيّ المشار إليه ومتابعيه، ولا أدري أهو المقترح لهذا أم سبقه إليه غيره؟ وقد أولع الفضلاء بالسؤال عن وجه هذا الترتيب، بل أخذوا في إنكاره على مرتّبه من حيث إن هذه الألقاب متقاربة المعاني في اللغة، فلا يتجه تقديم بعضها على بعض في الرتبة، ولا يخفى أن واضع ذلك من المقرّ الشهابيّ أو غيره لم يضعه عن جهل على سبيل التشهّي إذ لا يليق ذلك بمن عنده أدنى مسكة من العلم، وقد ظهر لي عن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>