للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وردت الأحاديث بأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كان يبعث كتبه مع رسله إلى الملوك، فبعث عبد الله بن حذافة إلى كسرى أبرويز ملك الفرس؛ وبعث دحية الكلبيّ إلى قيصر ملك الروم؛ وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب مصر؛ وبعث عمرو بن أميّة الضّمريّ إلى الضّحّاك «١» ملك الحبشة؛ وبعث شجاع بن وهب الأسديّ إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني؛ وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة بن عليّ صاحب اليمامة؛ وبعث العلاء بن الحضرميّ إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين؛ وبعث عمرو بن العاص إلى عبد «٢» وجيفر ابني الجلندى ملكي عمان. قال ابن الجوزيّ: وبعث جرير بن عبد الله البجليّ إلى ذي الكلاع الحميريّ.

واعلم أنه يجب أن يكون حامل الكتاب المؤدّى له عن الملك ونحوه وافر العقل، شديد الشّكيمة في الجواب، طلق اللسان في المحاورة، فإنه لسان ملكه، وترجمان مرسله، وربما سأله المكتوب إليه عن شيء أو أورد عليه اعتراضا فيكون بصدد إجابته. وقد قيل: إنّه يستدلّ على عقل الرجل بكتابه ورسوله. ومن غريب ما يروى في ذلك ما ذكره ابن عبد الحكم، أن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، لما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب مصر، وبلّغه كتاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال له: ما منعه أن يدعو عليّ فيسلّط عليّ؟ - قال له حاطب: ما منع عيسى أن يدعو على من أبى عليه أن يفعل ويفعل؟ فوجم ساعة ثم استعادها، فأعادها عليه حاطب، فسكت. ويروى أنه حين سأله عن أمر النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، في حرب قومه، وذكر له أنّ الحرب تكون بينهم سجالا، تارة له وتارة عليه، قال له المقوقس: النّبيّ يغلب! فقال له حاطب: فالإله يصلب! - يشير بذلك إلى ما تزعمه النصارى من أن المسيح عليه السّلام صلب مع دعواهم فيه أنه إله.

وذكر السّهيليّ أن دحية الكلبيّ حين دخل على قيصر بكتاب النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم،

<<  <  ج: ص:  >  >>