للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«من أمير المؤمنين أيّده الله بنصره، وأمدّه بمعونته، إلى الشيخ أبي عبد الله محمد بن سعد وفّقه الله، ويسّره لما يرضاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد فالحمد لله الذي له الاقتدار والاختيار، ومنه العون لأوليائه والإقدار، وإليه يرجع الأمر كلّه فلا يمنع منه الاستبداد والاستئثار. والصلاة على محمد نبيّه الذي ابتعثت بمبعثه الأضواء والأنوار، وعمرت بدعوته الأنجاد والأغوار، وخصم بحجّته الكفر والكفّار، وعلى آله وصحبه الذين هم الكرام الأبرار، والمهاجرين والأنصار، والرّضا عن الإمام المعصوم، المهديّ المعلوم، القائم بأمر الله حين غيّرته الأغيار، وتقدّم الامتعاض له والانتصار. وهذا كتابنا- كتب الله لكم نظرا يريكم المنهج، ويلفيكم الأبهج فالأبهج، وآتاكم الله من نعمة الإيمان، وعصمة الانقياد له والإذعان، ما تجدون به اليقين والثّلج- من حضرة مرّاكش حرسها الله تعالى، ولا استظهار إلا بقوّته وحوله، ولا استكثار إلا من إحسانه وطوله.

ولما جعل الله هذا الأمر العظيم رحمة لخلقه، ومطيّة لرقيه وقرارة لإقامة حقّه، وحمّل حملته الدعاء إليه، والدلالة به عليه، والترغيب في عظيم ما عنده ونعيم ما لديه، وجعل الإنذار والإعذار من فصوله المستوعبة، وأحكامه المرتّبة، ومنجاته المخلّصة من الخطوب المهلكة والأحوال المعطبة- رأينا أن نخاطبكم بكتابنا هذا أخذا بأمر الله تعالى لرسوله في المضاء إلى سبيله، والتحريض على اغتنام النجاء وتحصيله، وإقامة الحجّة في تبليغ القول وتوصيله، فأجيبوا- رفعكم الله- داعي الله تسعدوا، وتمسّكوا بأمر المهديّ- رضي الله عنه- في اتّباع سبيله تهتدوا، واصرفوا أعنّة العناية إلى النظر في المآل، والتفكّر في نواشيء التغيّر والزوال، وتدبّروا جري هذه الأمور وتصرّف هذه الأحوال، واعلموا أنه لا عزّة إلا بإعزاز الله تعالى فهو ذو العزّة والجلال. وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ «١» *

فالدّنيا دار الغرور، وسوق المحال، وليس لكم في قبول

<<  <  ج: ص:  >  >>