للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب الشريف، الذي لولا أنّ عصمة الموالاة تثبّت فؤاده الخافق، وتسدّد لسانه الناطق، لما تعاطى وصف ما أعطاه من كتابه المرقوم، وسبق إليه من سحابه المركوم، فإنه مما يشفّ عنه الأمل ناكصا وهو كسير، وينقلب دونه البصر خاسئا وهو حسير، ألا أنّ الانعام الشريف يبدأ الأولياء بما لو وكلهم إلى أمانيّهم لتهيّبت أن تتعاطى حظيته، ولو فوّضه إلى راحتهم لنكلت عن أن تترقّى نصيّته، ولا غرو للسّحاب أن يصافح قطره الثّرى، والفجر أن يشرق نوره على عين الكرى والسّرى.

فالحمد لله الذي قرّب على المملوك منال الآمال، وثبّت حصاة فؤاده لما لا تستقلّ بحمله صمّ الجبال، ويستنيب عن جهر الشّكر بسرّ الأدعية، ويقتصر على ما يفضي به إلى المحاريب وإن لم يقصّر عما يقصّه في الأندية، ويطالع بأنّ مملوك الخدمة وابن مملوكها أخذ الكتاب بقوّة، وشمّر لخدمة أشرف خلافة لأشرف نبوّة، وتلقّاه تلقّي أبيه الأوّل الكلمات ورأى إطلاع الله لأمير المؤمنين على ما في ضميره من طاعته إحدى المعجزات والكرامات، وسمع المشافهة خاشعا متصدّعا واشتمل عليها بفهمه ساميا طرفه متطلّعا.

ولقد أشبه هذا الكتاب الكريم بيعة أخذت عليه، مدّ إليها يده آخذا بكلتا يديه. والمملوك يرجو بل يتحقّق أن هذا العبد المشار إليه سيوفي على سابقه من عبيد الدولة العباسية في الزمان، ويكون بمشيئة الله أسبق منهم بالإحسان.

وقد صدرت خدمتان من جهته وبعدهما تصدر الخدم، ولا يألو جهدا في الخدمتين مباشرا بيده السيف ومستنيبا عنها العلم، وله نصرة باقية في الولاء وهو غنيّ بها عن النصير، وسريرة بادية في الطاعة وهو إليها أسكن منها إلى كل مشير. يعود المملوك إلى ما لا يزال يفتتح به الصلوات المفروضة، ويختتم به الختمات المعروضة، من الدعاء الصالح الذي [وإن] أغنى الله وليّه عنه فقد أحوج ذوي العقائد السليمة إليه؛ لأنه مزكّ لأعمالهم؛ بل متمّم لإسلامهم، وكيف لا يدعون لمن يدعون به يوم يدعى كلّ أناس بإمامهم، فيقول:- جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>