للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهره، ولاح استبصاره وجدّه، وتناهى سعيه وجهده في مضمار الجري إلى الطاعة، وبذل إذعانه وانقياده، واستعبد إمكانه وإجهاده، فيما يفي بتمكين الإمامة المهديّة، والخلافة المرضيّة، ويشدّ مباني المملكة المصدّقة لتباشير اليمن والبركة، والله سبحانه وليّ العون والتأييد، والمليّ بالتوفيق والتسديد، لا ربّ غيره.

وبعد- أبقى الله أمير المؤمنين- فإن كتابي إليه سلف معربا عن النّزغة التي كانت بيني وبين الموفّق مملوكه، وقديما نزغ الشيطان بين المرء وصديقه، والأخ وشقيقه، وضرب ساعيا بالتّشتيت والتشغيب، والتبعيد والتقريب؛ بين الأب الحاني الشفيق، والابن البرّ الرفيق، ثم يعود ذوو البصائر والنّهى، وأولوا الأحلام والحجا، إلى ما هو للشّحناء أذهب، وبالتجامل أولى وأوجب.

وكتابي هذا وقد نسخ الله بيننا آية الافتراق، بالاتصال والاتفاق، ومحاسمة التباين والخلاف، وبدوّ التآلف والإنصاف، وعادت النفوس إلى صفائها، وانطوت على وفائها، وخبت نار الفتنة، وامتدّ رواق الهدنة، وثبتت الأسباب الراسخة، والأواصر العاطفة بأزمّة قلوبنا إلى معاهد الخلّة القديمة، ومواطن العشرة الكريمة، والمعروف من الامتزاج في كلّ الأحوال والتشابك وجلاء الشك باليقين، وقرّت بالانتظام العيون، وصرنا في القيام بدعوة أمير المؤمنين مولانا وسيدنا رضيعي لبان، وشريكي عنان، وأليفي تناصر، وحليفي تظافر، فنحن عن قوس واحدة في نصرتها نرمي، ومن ورائها نذود جاهدين ونحمي، قد فتنا الجياد في السّبق إلى الطاعة، وأحرزنا قصب السبق في المظاهرة والمشايعة، فما نفتأ نسعى في تمهيدها ونذهب، ولا ننفكّ نكدح لها وننصب، والله الكفيل بإنجادنا بعزّته وقدرته، وحوله وقوّته؛ لا إله إلّا هو.

وإن الذي عقده الله تعالى لنا، وحسمه من دواعي القطيعة عنّا، ما اطّرد وتأتّى، وسنح وتهيّا إلا بسعد طائر أمير المؤمنين سيدنا ومولانا أعزه الله، ويمن نقيبته، فمن تمسّك بعروته وعاذ بعصمته، فقد فاز قدحه، وتبلّج في ظلم الأمور صبحه، واستدلّ بأوضح الدليل، وعرض بالرأي الأصيل، واستنار بأضوإ

<<  <  ج: ص:  >  >>