للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاضل عن السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» إلى المنصور يعقوب «١» بن يوسف بن عبد المؤمن، أحد خلفائهم في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، يستجيشه على الروم الفرنج القاصدين بلاد الشام والديار المصرية، وهو:

فتح الله بحضرة سيدنا أمير المؤمنين، وسيد العالمين، وقسيم الدنيا والدّين، أبواب الميامن، وأسباب المحاسن، وأحلّه من كفايته في الحرم الآمن، وأنجزه من نصرة الحق ما الله له ضامن، وأصلح به كلّ رأي عليه الهوى رائن، ومكّن له في هذه البسيطة بسطه، وزاده بالعلم غبطه، حتّى يكون للأنبياء بالعلم وللأرض بالعزم وارثا، وحتّى يشيّد بحادث قديما من مجده الذي لا يزال بغضّ الحديث حادثا.

كان من أوائل عزمنا وفواتح رأينا عند ورودنا الديار المصرية مفاتحة دولة سيدنا، وأن نتيمّن بمكاتبتها، ونتزيّن بمخاطبتها، وننهض إليها أماثل الأصحاب، ونستسقي معرفتها استسقاء السّحاب، وننتجعها بالخواطر ونجعل الكتب رسلها، وأيدي الرسل سبلها، ونمسك طرفا من حبل الجهاد يكون بيد حضرة سيدنا العالية طرفه، ونمسح غرّة سبق وارثها ووارث نورها سلفه، ونتجاذب أعداء الله من الجانبين، لا سيما بعد أن نبنا عنه نيابتين في نوبتين؛ فالأولى تطهير الأرضين المصريّة واليمنيّة من ضلالة أغضت عيون الأيّام على قذاها، وأنامت عيون الأنام بائعة يقظتها بكراها، ونيابة ثانية في تطهير بيت المقدس ممن كان يعارض برجسه تقديسه، ويزعج ببناء ضلاله تأسيسه، وما كان إلا جنّة إسلام فخرج منها المسلمون خروج أبيهم آدم من الجنّة، وأعقبهم فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>