للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمة لهم ملكا بعد ملك. قال في «التعريف» : وقد كان قبل غلبة الفرنج ملكا جليلا، يرجع إليه من عبّاد الصّليب سائر الملوك، ويفتقر إليه منهم الغنيّ والصّعلوك، وكتب التواريخ مشحونة بأخباره، وذكر وقائعه وآثاره، وأوّل من ألبس هامته الذّلّة، وأصار جمعه إلى القلّة، هارون الرشيد حين أغزاه أبوه المهديّ إيّاه، فأزال الشّمم من أنفه، وثنى جامح عطفه، فأما غزوات مسلمة بن عبد الملك ويزيد بن معاوية فإنها لم تبلغ فيه حدّ النّكاية، ولا أعظمت له الشّكاية، قال: وهذا الملك الآن كان السلطان (أزبك) قد كاد يبتزّ تاجه، ويعقم نتاجه، ويخل من جانب البحر المغلق رتاجه، فاحتاج إلى مداراته وبذل له نفائس المال، وصحب أيّامه على مضض الاحتمال، وكانت له عليه قطيعة مقرّرة، وجملة مال مقدّرة، ثم عميت علينا بعده منهم الأخبار، وتولّى بالدنيا الإدبار.

ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في «التعريف» : ضاعف الله تعالى بهجة الحضرة العالية، المكرّمة، حضرة الملك، الجليل، الخطير، الهمام، الأسد الغضنفر، الباسل، الضّرغام، المعرق، الأصيل، الممجّد، الأثير، الأثيل، البلالاوس، الرّيد أرغون، ضابط الممالك الرّوميّة، جامع البلاد الساحليّة، وارث القياصرة القدماء، محيي طرق الفلاسفة والحكماء، العالم بأمور دينه، العادل في ممالكه، معزّ النّصرانيّة، مؤيّد المسيحيّة، أوحد ملوك العيسوية، مخوّل التخوت والتّيجان، حامي البحار والخلبان، آخر ملوك اليونان، ملك ملوك السّريان، عماد بني المعموديّة، رضيّ الباب بابا رومية، ثقة الأصدقاء، صديق المسلمين، أسوة الملوك والسلاطين، ثم يكتب اسمه هنا ويدعى «١» له، ولم يذكر قطع الورق الذي يكتب إليه فيه.

وهذا دعاء وصدر يليقان به أوردهما في التعريف:

وجعل له من السّلامة «٢» يدا لا تزعزعه من أوطانه، ولا تنزعه من سلطانه،

<<  <  ج: ص:  >  >>